أصوات عالمية من أجل العدالة في فلسطين وما بعدها: المُنتدى الاجتماعي التنموي يُشارك في مؤتمر كوبنهاجن لتعزيز قوة الشعوب

كوبنهاجن، الدنمارك | 8-10 أبريل 2025
شارك المنتدى الاجتماعي التنموي في مؤتمر كوبنهاجن لقوة الشعوب، الذي يُعدّ حدثاً عالمياً بارزاً يسلط الضوء على دور المُجتمع المدني والحراكات المُجتمعية والشعبية في بناء سلام عادل ومستدام. نظم الحدث مؤسسة آكشين إيد بمُشاركة ناشطين/ات ومسؤولين/ات حكوميين/ات ومانحين/ات وممثلي/ات عن الأمم المتحدة ومُدافعين/ات عن حقوق الإنسان وصانعي/ات السياسات وقادة المجتمع المدني من مختلف أنحاء العالم لمُناقشة سُبل تعزيز دور الجهود المحلية التي يقودها المُجتمع المدني—سيّما الشباب— في بناء سلام عادل ودائم.
تتقاطع المحاور المركزية للمؤتمر — المقاومة السلمية، المساواة بين الجنسين، بناء القيادة المحلية، والحاجة إلى التحول البنيوي في بناء السلام — بعمق مع عمل المستمر للمُنتدى في فلسطين كمُنظمة ترتكز على التنمية الشمولية والعدالة الاجتماعية. حيث يدعو المُنتدى إلى توسيع وحماية الفضاء المدني لتعزيز المرونة والمُشاركة المدنية، وتفعيل دور الشباب في قيادة التغيير الإيجابي والمُستدام. تأتي مُشاركة المُنتدى في وقت يتصاعد فيه النضال العالمي من أجل حقوق الفلسطينيين، حيث تُعبّر حملة #حياة_الفلسطينيين_مهمة التي أطلقها في أكتوبر 2023 عن عملها الدؤوب من أجل إشراك الشباب في غزة والضفة الغربية في قيادة جهود الدعوة إلى سلام عادل للفلسطينيين ووقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة من خلال إثراء المحتوى الرقمي الفلسطيني، وسرد القصص لتسليط الضوء على تجارب الفلسطينيين تحت الاحتلال والحصار، مما يجسد رؤية المُنتدى في إيصال أصوات الفلسطينيين وجهودهم في مُناهضة العنف والظلم والاحتلال، وهو ما يتقاطع أيضًا مع تركيز المؤتمر على “قدرة الشعوب على إحداث تغيير فعال في مناطق الصراع.”

تدعيم العمل المحلي من خلال الجهود العالمية
افتتحت نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان السيدة ندى الناشيف المؤتمر قائلةً:
“السلام هو شيء نبنيه معاً — مع الناس ومن خلالهم. هذا المؤتمر جاء ليذكنا بأن السلام المستدام لا يُفاوض عليه فقط على الطاولات، بل يُطالب به في الشوارع والحقول والفضاءات الرقمية.”
وأضاف مسؤول التواصل والتشبيك بالمُنتدى/ عطا خالد، والذي حضر المُؤتمر ممثلًا عن المؤسسة، مُشاركًا نُظرائه حول العالم في تبادل الاستراتيجيات والخبرات المحلية والإقليمية التي يقودها الشباب والمُجتمع المدني، قائلاً:
“شكّل المؤتمر منصة نوعية جمعت تجارب وجهود المُجتمع المحلي في فلسطين وميانمار والسودان والكونغو وأوكرانيا وغيرها ليذكّرنا بأنه رغم اختلاف السياقات، فإن هذا التنوع يُثري شجاعة وإبداع الحراكات المُجتمعية في مُناهضة الظلم، وتعزيز الصمود والتماسك المُجتمعي. معركة فلسطين ضد الإحتلال ليست منعزلة عن أشكال الظلم المُختلفة حول العالم— بل هي امتداد عميق للحراكات والصراعات العالمية من أجل العدالة.”
“نُجدد في هذا المُؤتمر إلتزامنا في المُنتدى الاجتماعي التنموي بمواصلة جُهودنا في تمكين الشباب الفلسطيني ليكونوا قادة للتغيير وبناة للسلام العادل.” عطا خالد

مؤتمر كوبنهاجن لقوة الشعوب (CPPC)
نُظِّمت النسخة الثانية من المؤتمر عىل مدار ثلاثة أيام مُكثفة في العاصمة الدنماركية، كوبنهاجن، في محاولة لإثراء جُهود بناء السلام بقيادة الشعوب. فقد تضمن اليوم الأول، الذي حمل عنوان “حقيقة ودور قوة الشعوب في تحول الصراعات”، جلسات مثل “من مظاهرات الشوارع إلى مفاوضات بناء السلام” و”تنظيم المقاومة السلمية وسط الحرب” التي أبرزت التحديات التي تواجه الحراكات في فلسطين والسودان وأوكرانيا وغيرها. فيما واختُتم اليوم الأول بعرض الفيلم الوثائقي الحائز على جائزة الأوسكار“لا نقبل بأرض بديلة” والذي سلّط الضوء على مُعاناة الفلسطينيين في مسافر يطّا بالضفة الغربية، كمثال حيوي على الكُلفة البشرية والمادية للاحتلال وقوة المقاومة من خلال السرد القصصي — وهي الطريقة التي ما انفك المُنتدى عن الاستثمار فيها من خلال توظيف الإعلام الرقمي في إثراء الوعي المُجتمعي والعالمي.
تخلّل اليوم الثاني ثلاث محاور رئيسية: المقاومة والبناء والدعم، حيث شمل جلسات حوارية حول الفن الهادف، دور النساء في القيادة، مواجهة حملات التضليل الإعلامي، والجانب العملي لتمويل الحركات المدنية. وجد المُنتدى في تركيز جلسات هذا اليوم على الشباب، التغيير الشمولي، بناءالقدرات والقيادة في مناطق الصراع سيّما الجلسة الحوارية التي دارت حول “قوة الشعوب في مواجهة الإبادة الجماعية في فلسطين” والتي ضمت متحدثين فلسطينيين من غزة والشتات، وكذلك جلسة “تعزيز التمويل للحراكات الاجتماعية”، توافقاً عميقاً مع نهجه في الجمع بين تعزيز الصمود، وتوظيف الأدوات الرقمية والإبداعية في المُناصرة والتنمية المستدامة.

اختُتم المؤتمر في العاشر من أبريل ببرنامج مكثف حول “تعزيز كفاءة العمل المدني في مواجهة الصراعات”. حيث أولى هذا اليوم اهتماماً لبناء استراتيجيات تشاركية من خلال جلسات مفتوحة وحملات مثل “السلام يبدأ هنا”، التي شجعت على تكوين تحالفات عابرة للحدود لاستدامة جهود بناء السلام. كما تضمن هذا اليوم جلسات تدريبية على الحملات، ومناقشات مفتوحة حول بناء السرد الإنساني، ودعوات لإنشاء “وزارة للسلام” تكريسًا لاستثمار الدول في بناء حلول ترتكز على العدالة.
من خلال عرض الفيلم الوثائقي “Lupita” حول قيادة النساء الأصليات في تشياباس، المكسيك وفيلم “White Helmets” الذي يُبرز دور المُجتمع المدني في مُناهضة العنف في سوريا وتركيا، وفيلم “لا أرض بديلة” حول صمود ومُعاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية، دمج كل يوم من أيام المُؤتمر الثلاثة التعبير الفني والتجارب الحية والحوار السياسي، مقدمًا رؤية شاملة لقوة الشعوب في مواجهة الصراعات من خلال السردية الفنية الإبداعية.
خطوة للأمام نحو جهودة عالمية في المُناصرة والتأثير
على مدار المؤتمر، تم نقاش موضوعات النزوح والعنف المُنظم والعدالة بين الجنسين والمقاومة الرقمية من خلال منظور الحراكات التي يقودها الناس في مناطق الصراع. فمن تحالف Milk Tea في تايلاند إلى LUCHA في جمهورية الكونغو الديمقراطية، كانت هذه السرديات تعكس رؤية المؤتمر في تمكين الشباب لقيادة الحركات من أجل العدالة والكرامة.

بالنسبة للمُنتدى، لم يُثري هذا المؤتمر نهج التضامن العالمي والدفاع عن الحقوق فحسب، بل فتح أيضاً آفاقاً لتحالفات وتعاونات عالمية. فمن خلال مشاركته في هذا الحدث، يتطلع المُنتدى إلى تعزيز موقعه كصوت للمجتمع المدني الفلسطيني في الساحة الدولية وشق الطريق نحو بناء سلام عادل يقوده المُجتمع. ليس ذلك فحسب، بل هي مساحة يُؤكد من خلالها المُنتدى التزامه المستمر بتسخير طاقة الشباب والفاعلين/ات في المُجتمع المحلي للسعي نحو السلام والعدالة، مؤكدًا أن السلام الحقيقي يقوده الناس بشكلٍ شمولي وعادل.
