أتساءل كيف شايفها مجتمعنا؟ .. شهد صافي تدون لنا تجربتها في جولة كيف شايفها
كثيراً ما أتسائل عن حال الأشخاص الذين ظلمهم المجتمع بمختلف مكوناته ؟ أو لربما أيضا نظلمهم نحن دون أن ندري باعتبارنا جزء من ذاك المجتمع! كما أن عائلاتهم تشارك في هذا الظلم أحيانا! لكم أن تتخيلوا ذلك!
هذه التساؤلات وعلامات التعجب كانت دائما تدور في عقلي، لذلك أنا هنا، لأشعر أنني لا أشارك في هذا الظلم! بل على العكس لأن أكون سببا في دعم ومناصرة زملائي من ذوي الإعاقة الذي يقع عليهم هذا الظلم الكبير من المجتمع المتمثل في ضعف وعيهِ بمختلف حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي يجب أن تكون قائمة على قدم المساواة مع بقية أفراد المجتمع، حقيقة أتساءل كيف شايفها مجتمعنا؟
الحقوق لا تتجزأ ولا تمييز بين البشر على أساس الإعاقة أو بدون إعاقة، ولكن مع الأسف الواقع لايزال يقول عكس ذلك، أرافق زملائي في محطات جولة “كيف شايفها” التي نسعى من خلالها تسليط الضوء على قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة في الجوانب الرياضية بشكلٍ خاص وبالتحديد لنناقش حقهم في سهولة الوصول إلى المرافق الرياضية وتفعيل دورهم الرياضي في مختلف الأنشطة الرياضية.
خلال جولتنا حاولنا قدر المستطاع أن نوجّه أسئلتنا نحو المسؤولين وبعض مدراء النوادي الرياضية في قطاع غزة كنادي المصدر الرياضي وصناع القرار في اللجنة البارالمبية كجسم ممثل لرياضة الأشخاص ذوي الإعاقة والمجلس الأعلى للشباب والرياضة الأب المسؤول عن قطاع الرياضة في مدينة غزة.
وقفتُ عند إحدى الإجابات التي قالها أحد المسؤولين في المجلس الأعلى عندما تسائلنا عن عدد النوادي الموائمة في قطاع غزة؟ قال بأن هناك 88 نادي رياضي في القطاع و منهم 8 خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة فقط! و أغلب هذه النوادي غير موائمة للأشخاص ذوي الإعاقة!
لم يكن عدّلا أن يكون نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة تفوق 2% من سكانها وأن يكون عدد النوادي 8 فقط، والانتهاك الأكبر لهم أنها صعبة الوصول لانها مع الأسف غير موائمة إلا واحد او اثنين وموائمة جزئية.
ألسنا مشاركين في توقيع الميثاق العالمي لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؟ كما أن قانون رقم 4 لعام 1999 يكفل للأشخاص ذوي الإعاقة حقهم في المشاركة الرياضية وسهولة الوصول لكافة المرافق الرياضية؟ اتضح لي بعد هذه الجولة أنها كلها مجرد توقيعات! حبر على ورق!
بالطبع حجتهم الوحيدة والتبرير الدائم من قبل كل المسؤولين هو الانقسام السياسي في فلسطين و الذي نتج من وجود الاحتلال الصهيوني مما يجعل العوائد المادية الموجهة إلى هذا القطاع قليلة للغاية ولا تكفي لتوفير و تحقيق متطلبات الأشخاص ذوي الإعاقة الرياضية ، ولذلك لا يوجد موازنة رياضية لقطاع الرياضة في غزة خاصةً أنها مساحة صغيرة للغاية و بأعداد سكانية مهولة تصل لأكثر من مليون ونصف نسمة.
و قد أشار أحدهم بأن المؤسسات الحكومية تلقي اللوم على الوزارة والتي بدورها تلقيه على الإنقسام قائلة لا يوجد ما يلزمني رسمياً على اجبار أي شخص بتطبيق القانون. و أحياناً تخط الشعارات و لا تأتي بأي تطبيق عملي فعلي على أرض الواقع، و مما يعقد الأمر عدم وجود علاقة تكاملية بين المؤسسات المحلية في القطاع لضعف العلاقات والتعاملات السياسية و المادية بينها و الدعم المادي لا يتوفر إلا في حال كانت مثل هذه العلاقات سليمة في الدولة.
القائمون على النوادي كان لهم رأياً مغايراً، بأن الحل يكمن في فصل الرياضة نهائياً عن الإنقسام فهي حق لكل شخص و فرد مهما كان، سواء كان من ذوي الإعاقة أو بدون إعاقة.
صحيح أن الواقع الرياضي تعيس في مدينتي ولكن مع ذلك، مازالت هناك بعض المحاولات الغزيّة لتخطى كل العقبات ومواجهة بعض التحديات، ومحاولة تحقيق بعض من الإنجازات على المستوى المحلي والدولي، ولكن نحن بحاجة لمزيد من البطولات بمستوى متقدم وبمشاركة أكبر للرياضين من ذوي الإعاقة.
في ختام جولتنا، كان لدي بصيص من الأمل، عندما اتفقنا للتوصل إلى توقيع ميثاق شرف من باب المسؤولية الاجتماعية لهذه المؤسسات؛ أن تعمل على تحسين وتطوير المرافق الرياضية على مختلف الأصعدة من ناحية تبنى المزيد من الفرق الرياضية للأشخاص ذوي الإعاقة، وتحسين المنشآت الرياضية وكافة مرافقها وموائمتها بما يسهل الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة، وتعزيز الدور الرقابي لضمان تحقيق الاستجابة المطلوبة.
يجب علينا أن نخرج من بقعة الظلم هذه، والتوقف عن التبرير بالانقسام وكأن عجلة الزمن توقفت هناك، الشعوب تنهض من جديد، إذا آمنت بحقها فالحقوق تنتزع متى ما نُزعت منا وعلينا دائما نُآمن بحقوقنا ونكون على قدر كافٍ من الوعي بها دون أي تمييز كان.