بيان: 365 يومًا على حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة

مأساة النزوح تتصاعد والشباب وذوي الإعاقة والنساء أكثر الفئات تضررًا
وعلى العالم التحرّك العاجل لتفادي الكارثة في العام الثاني للحرب

يصادف اليوم ذكرى مرور عام كامل على حرب الإبادة الجماعية التي شنّتها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر 2023، التي خلفت وراءها آثارًا مدمرة على كافة المستويات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، وقد تسببت في كارثة غير مسبوقة، ما زالت تداعياتها مستمرة، حيث بات يعيشها أكثر من مليونيْ شخص في القطاع، ومع ارتفاعٍ مُستمرّ في أعداد الضحايا من مُختلف الفئات السُكانيّة، ما يُمدد حجمَ الكارثة.

وفقًا لتقارير الأمم المتحدة ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، قُتل ما يزيد عن 41,800 فلسطيني منذ بداية النزاع، من بينهم أكثر من 18,000 امرأة وطفل. بالإضافة إلى ذلك، تم تسجيل ما يقرب من 97,000 إصابة، مع أعداد كبيرة من المدنيين الذين فقدوا أطرافهم أو أصيبوا بإعاقات دائمة. وهناك أيضًا حوالي 20,000 شخص مفقود أو تحت الأنقاض، مما يجعل العدد الفعلي للضحايا قد يكون أكبر بكثير​.

مُعاناة النزوح المستمر:

يعيشُ أكثر من مليون و900 ألف شخص في قطاع غزّة، مُعاناة النزوح داخل أرجاء القطاع، في جانبيه، في مناطق جنوبي وادي غزّة ومناطق الشمال، مع تركُزِ المُعاناة الكبيرة لمأساة النزوح على المتواجدين في جنوب القطاع، حيث يعيشون على ما مساحته 60 كليومترًا مُربعًا، وهي ما تُسمى “المنطقة الإنسانية الآمنة”، الواقعة في مناطق محدودة وضيّقة للغاية في جنوب ووسط القطاع.

هذه المناطق التي يتواجدُ فيها أكثر من مليون ونصف المليون شخص، تشهد ظروفًا غير عادية وصعبة للغاية، نتيجةً لعدم توافر أيّة خدمات أو بنى تحتية او مقومات معيشية. يعيش النازحون ظروفًا كارثية، خصوصًا مع دخول موسم الشتاء الثاني خلال الحرب عليهم، وعدم توفر الموارد الأساسية من شوادر وأغطية وفراش وموارد لتأهيل الخيم التي يقطنوها، ما يجعل ظروفهم مُهيأة لكارثة أصعب خلال الأشهر المُقبلة، حال استمرار الحرب.

الأشخاص ذوي الإعاقة

تعاني فئة الأشخاص ذوي الإعاقة من ظروفٍ هي الأصعب، منذ بدء الحرب قبل عام، فقد قتل منهم المئات، وأصيب الآلاف، عدا عن إصابة أكثر من 10 آلاف مواطن بإعاقاتٍ جديدة، لينضموا إلى قوافل الأشخاص ذوي الإعاقة، ويزيدوا العبء على قطاع التأهيل والقطاعات الصحية في غزّة.

يعيش الأشخاص ذوي الإعاقة ظروفًا مضاعفة من المُعاناة، في ظلّ الإخلاءات الإسرائيلية المُتكررة، ما يُصعّب مهمة نزوحهم ويجعلهم في مرمى النيران، عدا عن عدم توافر مناطق مؤهلة لهم في أماكن النزوح. كما أن ذوي الإعاقة يواجهون صعوبات مضاعفة في الوصول إلى الملاجئ الآمنة، الغذاء، والمساعدات الإنسانية، مما يزيد من هشاشتهم الاجتماعية والاقتصادية.

الشباب وفقدان الامل

يُعاني الشباب في قطاع غزّة من أوضاعٍ صعبة، في ظلّ الحرب الإسرائيلية، وهم من الفئة الأكثر استهدافًا خلال الحرب فإنّ 24% من إجمالي شهداء الحرب من هذه الفئة، بينما يعيش الباقين من هذه الفئة في تفاصيل مأساوية، نتيجةً للمسؤوليات المتعددة التي تُلقى على عاتقهم.

يزيد انعدام فُرص العمل ودخول غالبية الأسر الفلسطينية في قطاع غزّة، في مرحلة الفقر، من ظروف الشباب الصعبة، حيث باتت غالبية هذه الفئة بلا أي عمل أو فُرص تُساهم في تهيئة الوضع المعيشي لأُسرهم.

توقّف نسبة 100% من الشباب الفلسطيني عن مسيرتهم التعليمية في الجامعات الفلسطينية، ما أدّى إلى تراجع حياتهم وتوقّفها بشكلٍ كامل، عدا عن فُقدان الآلاف لفرص العمل عن بُعد التي كانت متوفّرة لهم.  كما يعاني الشباب من تداعيات نفسية واجتماعية خطيرة نتيجة التعرض المستمر للصدمات والحروب المتكررة، حيث أصبح جيل كامل يعاني من فقدان الأمل في المستقبل​.

النساء والفتيات

تُعاني النساء والفتيات من ظروفٍ مُختلفة وصعبة جراء استمرار مأساة الحرب الإسرائيلية، ومع مرور نحو عام على الحرب، فإنّ أكثر من 10 آلاف امرأة فقدت حياتها، كما أنّ أكثر من 6 آلاف أسرة فقدت أمهاتها، وفق إحصائيات الأمم المُتحدة، عدا عن أنّ نحو مليون امرأة وفتاة فقدت منزلها وأقاربها.

تزيد الحرب من الأعباء على النساء الفلسطينيات، ما يجعلهن في مسؤولياتٍ أكبر، منها تولي مسؤولية العائلة والاحتياجات اليوميّة اجتماعيًا، في ظلّ ظروف النزوح الصعبة داخل المدارس والخيم ومراكز الإيواء، وفي ظلّ عدم توفر الموارد الكافية لهن.

إن غياب موارد النظافة وغلائها يفرض على النساء ظروفًا قاسية، مختلفة عن الظروف العادية لباقي فئات المواطنين، وهو واقع يصعب تجاوزه بسهولة، في ظلّ نقص المياه والموارد المختلفة التي تُساعد النساء على تخطّي الأزمة.

التعليم

خسر طلاب قطاع غزة العام الدراسي الماضي، 2023-2024، جراء بدء الحرب بعد أسابيع قليلة من انطلاق عامهم الدراسي، ويتهددُ العام الدراسي الجديد، بنفس المصير، ما يجعل الواقع أصعب وأكثر كارثيّة.

بالإضافة الى تدمير الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 120 مدرسة وجامعة بالكامل، و332 تدميرا جزئيا، كما أنّ عدد الطلبة الذين استُشهدوا في قطاع غزة منذ بداية الحرب وصل إلى أكثر من 8572 والذين أصيبوا إلى .14089.

أصابت الحرب الجسم التعليمي أيضًا، فقد استشهد 497 معلمًا وإداريًا وأصيب 3402 بجروح، منذُ بدء الحرب الإسرائيلية.

إنّهُ في ظل الظروف الحالية، ومع استمرار الكارثة التي يُعاني منها قطاع غزّة، خصوصًا مع استمرار المجاعة الكبيرة وقلّة دخول المُساعدات الإنسانية ونقص الأغذية والأدوية، وانعكاس ذلك على العديد من الفئات، مع تراجع المستوى التعليمي في القطاع، فإنّ المُنتدى الاجتماعي التنموي ساهم خلال مُدة عام في جوانب عدّة، سعيًا نحو جسر الهوّة التي خلقتها الحرب، ولا زال المُنتدى مُستمرًا في هذا الدور، حتى بعد مرور عامٍ على هذه الحرب الكارثية.

وعليه، فإنّ المُنتدى الاجتماعي التنموي يؤكّد على التالي:

  • ضرورة وقف حرب الإبادة الجماعية بحق المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزّة، ووقف المجازر، والتدخل الدولي العاجل، لمنع تمدّد الكارثة وتوسّعها، نظرًا لصعوبة الظروف اللاحقة مع دخول فصل الشتاء.
  • التدخل من الدول والمؤسسات الدولية لدعم قطاع غزّة، من خلال دعم النازحين ومساعدتهم وتقديم كُل ما هو طارئ لتفادي كارثة الشتاء، وإمداد القطاع بالأدوية اللازمة واستمرار المُساعدات الإنسانية وتوسيع نطاقها، بما يضمن وصولها لُكل المناطق في الشمال والجنوب، وعلى كُل المواطنين والنازحين بالتساوي وضمان وصولها بأمان وعدم تقييدها.
  • نطالب ببرنامج دولي لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة في قطاع غزة، بما في ذلك المستشفيات، المدارس، والمساكن، لضمان حياة كريمة للسكان.
  • التأكيد على ضرورة توفير حماية النساء والأطفال وذوي الإعاقة: يجب توفير حماية خاصة للنساء، الأطفال، وذوي الإعاقة في غزة، وضمان وصولهم إلى الخدمات الأساسية والرعاية الصحية والاجتماعية بما ينسجم مع منظومة حقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة.
  • الحاجة الماسّة لاستكمال واستمرار العملية التعليمية، وإنقاذ مُستقبل أكثر من 600 ألف طالب وطالبة في كُل أنحاء القطاع، ومنع تدهور مُستقبلهم وضياع جيل بأكمله، نتيجةً لاستمرار انقطاعهم عن مسيرتهم التعليميّة وتدمير مدارسهم وجامعاتهم.
  • نُطالب بالسماح بتدفق المُساعدات الإنسانية وضرورة تأمين العاملين في المجال الإنساني والمُجتمعي، والحفاظ على حياتهم لضمان استمرار عمليات توزيع المُساعدات ووصولها لمُستحقيها بأمان، وفقًا لمواد اتفاقية جنيف لحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، وبالخصوص المادة (61) والمادة (63).

في هذه المناسبة المؤلمة بالنسبة لشعبنا الفلسطيني، ومع استمرار حرب الإبادة بعد أكثر من عامٍ على بدئها وبنفس شراستها وقوّتها، يُجدد المنتدى الاجتماعي التنموي تأكيده على استمرار عمله في خدمة أبناء شعبنا وتقديم الإغاثة لهم، ويدعو الجميع من أجل العمل المشترك من أجل حماية المدنيين ودعم حق الشعب الفلسطيني في كل مكان للعيش بسلام وأمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *