خالد حمدان.. متطوّع لسقيا المياه في قلب شمال غزة
منذُ أيام الحرب الأولى، يُعاني شمال قطاع غزّة من ظروفٍ مُختلفة وصعبة، تزيد عمّا يُعاني الناس في باقي مناطق القطاع. شُح المياه وقلّتها، واحدٌ من تفاصيل كثيرة، باتت مأساةً للأشخاص الباقين في تلك المساحة المُدمّرة والصعبة في القطاع.
خالد حمدان، واحد من أعضاء شبكة شباب المُنتدى الاجتماعي التنموي، كان يعمل مُحاميًا، لكنهُ فقدَ مهنتهُ خلال الحرب. بقي خالد في شمال القطاع، رافضًا قرارات النزوح، وأمام هذا الألم الكبير، سخّر خالد وقتهُ للعمل والمساهمة في المُبادرات المُجتمعية المختلفة، خدمةً للناس، في هذا الوضع.
تواصل فعّال واستجابة طارئة
ساهمَ خالد في مُبادرة “سُقيا المياه” التي قرّرَ المُنتدى تنفيذها في مناطق شمال القطاع، خصوصًا بعد الأشهر الأولى من الحصار والمجاعة، إثر تدمير العديد من سيارات المياه ومحطات التحلية، بهدف إجبار الناس على النزوح والهرب من المناطق التي يعشونَ فيها، لكنَ العديد من الناس بقوا هناك، ما جعلَ احتياج المياه ضررويًا لهم.
يقول خالد “تواصلت مع فريق المُنتدى، طلبت منُهم سيارة للمنطقة التي أعيش فيها، في حي الشيخ رضوان، كان هناك تواصل فعّال منهم واستجابة طارئة للأمر. نسقنا مع السيارة، وجاءت لتلبية احتياجات المكان”.
عمل مُنظّم وإيجابي. تعاون لافت ومُهم.. بهذه الكلمات يصِفُ خالد ما شاهده خلال المُبادرة. ويقول “كانت مُشاركتي مع المنتدى ممتازة، كان الوضع يسوده التعاون مع الفريق من الشباب الذين انطلقوا معي للمكان، وساهموا في مساعدة الناس”.
“نُمسك بيد الأطفال، نأخذ قالونات المياه والزجاجات ونقوم بتعبئتها بأيدينا، قبل إعادتها لهُم”. بهذا الشكل يصِفُ خالد تفاصيل المُبادرة، التي تُساهم في دعم صمود المواطنين، وإعادة بثّ الأمل لهُم.
فريق من أربعة أشخاص، هُم المُشاركين في المُبادرة، كان خالد على رأسهم، لكن بينهم كان الأهالي الذين ساهموا في تنظيم عملية التوزيع، ما ساعدَ سكان المنطقة في تسهيل الخدمة المُقدمة من المُنتدى الاجتماعي التنموي، وجعلَ الفعالية تُنفّذ على أكمل وجه.
مُبادرات وتطوّع
خالد، كان واحدًا من المتطوعين في العديد من المُبادرات خلال الحرب، وقد بدأ رحلته منذُ عام 2014، في المساهمة بالعمل المُجتمعي، بدءًا من مبادرات الدعم النفسي، وترفيه الأطفال، وتقديم التدريبات للشباب في عدّة أنشطة ومواضيع.
يعتقد خالد أنّ المبادرات في مدينة غزّة وشمالها، شحيحة مقارنةً بجنوب القطاع، وهذا أمرٌ طبيعي نظرًا لقلّة الموارد وشدّة الحصار الذي يُعاني منه السُكان في الشمال، مقارنةً بالواقع في الجنوب.
يُشير إلى الواقع الصعب الذي فرضته العملية العسكرية الأخيرة في جباليا ومناطق الشمال، التي جعلت من نقص المياه أزمةً مضاعفة، وحاجة ماسّة للمواطنين، نظرًا لتدمير سيارات المياه، واكتظاظ المناطق بالسكان، وقلّة وصول السيارات إليها.
لا ينظرُ خالد ومن معه من الشباب المتطوعين إلّا إلى أيدي الصغار والرجال والنساء من كبار السن، الذين يأتون إلى سيارة المياه الكبيرة التي حطّت في المكان، ينظرون إليها باهتمام، وهُم يُعيدون الأمل من جديد لهؤلاء الناس الذين تركهم العالم وحدهم، ولم يمُد لهم يدَ الشفقة.
دعواتُ الناس، وأمنياتهم أن يوفّق الله الشباب ويُزيد خيرهم، هي أفضل ما يتمنّه الفريق بعد يومٍ طويل من التعب تحتَ حرارة الشمس، لكنَ نجاحهُم في المُبادرة، يجعلهم أكثر إصرارًا على إكمال دورهم في خدمة المُجتمع، رغم حالة الطوارئ الصعبة الناتجة عن الحرب.