كيف ساعد الذكاء الاصطناعي الأشخاص ذوي الإعاقة؟

جاء الذكاء الاصطناعي بمهمة أساسية للإنسان، وهي مساعدته في إنجاز العمل وتحسين الأداء ومعالجة الأوامر وأحيانًا اتّخاذ القرارات، في أقلّ قدرٍ من الوقت والجهد، وبدقة عالية. وقد أحدث هذا التطوّر اللافت ثورةً حقيقية لا تزال تُبهرنا يومًا بعد آخر، بعد أن صارت تطبيقات وأدوات الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا.

وإذا ما تحدّثنا في سياق الإعاقة، فإنّ الأشخاص ذوي الإعاقة يحتاجون لهذه التطبيقات المُساعِدة أكثر من غيرهم، ولهذا السبب نجد اليوم الكثيرَ من التطبيقات والبرامج والأدوات التي تعتمد على تقنيّات الذكاء الاصطناعي، تم تصميمها وتطويرها بشكل خاص لتحسين أداء الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة اليومية، وتسهيل وصولهم وتواصلهم، وبالتالي تعزيز دمجهم وإشراكهم في المجتمع بمختلف قطاعاته.

وأبسط مثال على هذا، الهواتف الذكية التي أصبحت أداة مهمة جدًا وفعالة، تُساعد الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل كبير، عن طريق استخدام تطبيقات وبرامج تُمكّنهم من الاستقلال بأنفسهم إلى حدٍ كبير. في هذه المقالة، سنُعرّفكم على أهم المجالات التي ساعد فيها الذكاء الاصطناعي الأشخاصَ ذوي الإعاقة، مع أمثلة على أبرز التطبيقات في كل مجال.

كيف ساهمت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تسهيل وصول وشمول الأشخاص الأشخاص ذوي الإعاقة؟

أولاً: سهولة التواصل

مكّن الذكاء الاصطناعي الأشخاص ذوي الإعاقة من التواصل مع الآخرين، والتغلب على المُعيقات التي تُواجههم في هذا الإطار، ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر، تطبيقات سهّلت الحياة والعمل والتواصل، على الأشخاص ذوي الإعاقة على اختلافها:

  • تطبيق “Image Description”: الذي يُتيح للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية التعرف على الصور من خلال تقنية التعلم العميق، لوصف وتخليل محتوى الصور. 
  • تطبيقات قارئ الشاشة: ومنها (VoiceOver) لهواتف آبل، والذي يقرأ البريد الالكتروني والرسائل نصّية وبشكل جزئي يُمكنه قراءة محتوى الصور وعكس الالوان وغيرها. ومثله تطبيق (TalkBack) لهواتف أندرويد، الذي يُساعد الشخص من ذوي الإعاقة على الاستخدام الكامل لهاتفه. 
  • تطبيقات “المُساعد الافتراضي”: مثل مُساعد غوغل (Google Assistant)، و(Siri) من آبل، و(Alexa) الذي طوّرته أمازون: وفكرة هذا المُساعد أنّ يُمكن المستخدم من توجيه الأوامر للتطبيق من خلال الصوت، بحيث يستطيع إدارة جدوله اليومي والتواصل مع الآخرين، وتلقين التطبيق مختلف الأوامر لتنفيذها، مثل: كتابة رسالة نصية، ضبط المنبّه، قراءة البريد الإلكتروني البحث عبر الإنترنت، وأيضًا التحكم بالأجهزة المنزلية المرتبطة.

وهناك مجموعة من التطبيقات التي تُساعد الأشخاص ذوي الإعاقة السمعيّة على التواصل مع الآخرين، والاندماج في المجتمع، منهم تطبيق مثير للاهتمام، صُمِّم بشكل خاص للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية، وهو تطبيق (Hear you now): الذي يساعد الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية الجزئية، أو ضِعاف السمع، على فهم ما يدور حولهم من خلال تضخيم الصوت. ويتميّز بخاصية تصحيح السمع لكل أذن على حد، والتكيّف مع الأصوات المختلفة حسب البيئة المحيطة.

  • Motion Control: وهو تطبيق يتيح للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية التحكم بالأجهزة والتطبيقات من خلال إيماءات الوجه أو حركة الرأس والجسم، بدلاً من الاعتماد على واجهات التحكم التقليدية مثل الفأرة ولوحة المفاتيح. هذا يعني أن الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية يُمكنهم التفاعل مع الأجهزة والتطبيقات بسهولة عن طريق أنماط مُعيّنة يستطيعون القيام بها من خلال حركة الوجه والجسد.
الذكاء الاصطناعي يحمل أملاً بتغيير جذري في حياة ذوي الإعاقة

ثانياً/ التجوال:

الحركة هي أكبر تحدٍ يواجهه الأشخاص ذوو الإعاقة. ولذا بات مطوّرو البرامج يُركّزون على هذا الأمر، لتصميم تطبيقات التنقّل التي تعتمد على تكنولوجيا تساعد هؤلاء الأشخاص في تحركاتهم. من هذه التطبيقات:

  • خرائط غوغل، وتطبيق (Wheelmap): اللذان يُساعدا ذوي الإعاقة البصرية ومُستخدمي الكراسي المتحركة في العثور على الأماكن، وتحديد مسار الخروج واختيار أفضل الطرق ووسائل المواصلات. بما يسهل الوصول إليها.
  • ساوند سكيب (Soundscape): يتيح هذا التطبيق إجراء مسح صوتي للمشهد، بما يُمكن الشخص ذا الإعاقة البصرية من معرفة المعالم المثيرة للاهتمام القريبة منهم.
  • إيفيليتي (Evelity): وهو مساعد التنقل الأول للأشخاص ذوي الإعاقة، ويعمل كنظام تحديد المواقع (GPS) لتقديم التعليمات خطوة بخطوة، لتسهيل التجوال في الأماكن، خاصة المزدحمة والمعقدة مثل الجامعات والمولات وغيرها.

ثالثاً/ الاستقلالية:

حسّنت التكنولوجيا من جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة، وسهّلت عليهم الكثير من المهام ممّا وفّر لهم مساحة أكبر من الراحة والاستقلالية والاعتماد على الذات، وهو ما تُحققه غالبية التطبيقات التي ذكرناها في السطور أعلاه، مثل مساعد غوغل وسيري اللذين يُنفّذا الأوامر من خلال الصوت. وفيما يلي تطبيقات إضافية، تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتُعزيز استقلالية الأشخاص ذوي الإعاقة:

  • معلم بريل (Braille Al Turor): حل مبتكر وطريقة سريعة وحرة وممتعة لتعليم طريقة قراءة بريل، الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، بدون الحاجة إلى مُعلّم، بما يُمكنهم من العبور نحو إيجاد عمل والانخراط في المجتمع.
  • تطبيقات مسح المكان والنصوص، ومنها: (Seeing Al) و(Lookout on Android)، التي تتيح للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية وضعاف البصر قراءة النص المطبوع؛ سواء في الكتب، قوائم الطعام، علامات ولافتات الشوارع، وحتى الباركود على المنتجات، وكذلك العناصر والصور في محيط الشخص.
  • تطبيقات الذكاء الاصطناعي في السيارات المستقلة: إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تطوير تقنيات القيادة الذاتية في السيارات، مما يمكن الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية من قيادة السيارة بشكل مستقل والتنقل بحرّية.
كيف يُساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين وصول الأشخاص ذوي الإعاقة للمعلومات؟

كانت هذه أهم المجالات التي ساعد فيها الذكاء الاصطناعي الأشخاص ذوي الإعاقة، في مختلف مناحي الحياة، وأبرز التطبيقات التي صُمّمت لتحسين واقع وحياة وأداء الأشخاص ذوي الإعاقة وتذليل العقبات التي تُواجههم في المجتمع، خاصة في سياق تسهيل التواصل والوصول، وتعزيز استقلاليتهم وبالتالي دمجهم وإشراكهم بشكل أكبر في المجتمع.

تبقى الإشارة إلى أنّ العديد من مزايا هذه التطبيقات وغيرها، عادةً ما تكون محدودة داخل قطاع غزة خاصًة، وفي فلسطين عامًة، سواء التطبيقات التي صُممت للأشخاص ذوي الإعاقة على وجه التحديد أو تلك التي يستخدمها الأشخاص بدون إعاقة؛ مثل سيري ومساعد جوجل. لذا من المهم أن يتوجّه المبرمجون الفلسطينيون باهتمامٍ خاصٍ لتصميم تطبيقات موائمة للأشخاص ذوي الإعاقة، وفي نفس الوقت سهلة ومُبرمجة للاستخدام داخل قطاع غزة وفي فلسطين، وكذلك أن تُولي الحكومة والجهات المعنيّة اهتمامًا مماثلًا، وأن تُركّز على كيفية استثمار تقنيّات الذكاء الاصطناعي والاستفادة من ميزاتها، على صعيد العمل والخدمات الحكومية؛ بما يحقق وصول أكبر للمواطنين ومنهم الأشخاص ذوي الإعاقة، وبالتالي تعزيز تمكين حقوقهم في الشمول وسهولة الوصول للخدمات المختلفة ودمجهم الفاعل في المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *