كيف يؤثر الإعلام على التقليل من ظاهرة الانتحار والحد منها؟
يمثل الانتحار ظاهرة عالمية سواء في البلدان النامية أو المتقدمة ومشكلة خطيرة لا تقتصر أضرارها على حياة أصحابها فحسب، بل تتعداها لتشمل حياة المجتمع ككل بما تحدثه من آثار طويلة الأمد تؤثر بشكل سلبي على استقرار المجتمع وتطوره، اذ يضع ما يقارب 800000 شخص نهاية لحياته في كل عام، هذا فضلاً عن الكثيرين ممن يحاولون الانتحار ويفشوا في ذلك. كما وسُجل الانتحار في عام 2019 كثاني أهم سبب للوفيات من تتراوح أعمارهم ( 15 – 29) عاماً.
تؤثر التغطية الإعلامية في معدلات الانتحار بما يتراوح (1_2)% ، اذ مع كل حالة انتحار جديدة تُسارع وسال الاعلام المختلفة إلى تسليط الضوء على الحالة ونشر تفاصيلها وتتسابق في معرفة جميع التفاصيل والأخبار المتعلقة بها، فيما يندر نشر التقارير التي تعرض هذه المشكلة بشكل منطقي والتي تقترب من التحول الى ظاهرة وخورتها الاجتماعية وأسبابها وسبل معالجتها .
وهذا يدعونا إلى التساؤل: إلى أي مدى ينعس نشر التفاصيل المتعلقة بالانتحار إيجاباً أو سلباً على حياة القارئين والمتابعين لها؟ وهل يساهم هذا النشر بزيادة هذه الظاهرة لتصل درجة اللامبالاة حيالها ؟
معايير مهنية في التغطية الاعلامية لحالات الانتحار
تتعدد أسباب الانتحار ما بين أسباب شخصية، اقتصادية، وأخرى سياسية ونظراً لأهمية موضوع الانتحار وضعت منظمة الصحة العالمية الوقاية من الانتحار على سلم أولوياتها وخصصت العاشر من أيلول من كل عام لمقاومة الانتحار، كما وأطلقت استراتيجية لتقليل الانتحار وقعت عليها 28 دولة . كما وحذر من أن بعض أنواع التغطية الإخبارية يمكن أن تزيد من احتمالات إقدام مزيد من الأشخاص على الانتحار، مشددةً على ضرورة اتباع الإعلاميين مجموعة من التوصيات أثناء تغطيتهم حوادث الانتحار.
◄ لا تستخدم لغةً تضفي إثارة على حوادث الانتحار أو تجعل منها مسألة طبيعية أو اعتيادية.
◄ لا تستخدم العناوين الصحفية المثيرة والرنانة، واكتب عن الانتحار دومًا باعتباره فعلًا سيئًا فعله الشخص وليس باعتباره نهايةً للألم.
◄ أظهِر كل أشكال العون الطبي والنفسي الذي تقدمه المؤسسات لمَن يفكرون في الانتحار.
◄ لا تسلط الضوء على قصص الانتحار، ولا تكرر الحديث عن هذه الأخبار دون داعٍ.
◄ ثقِّف الجمهور بشأن الحقائق الخاصة بالانتحار وكيفية الوقاية منه دون نشر أية خرافات.
◄ توخَّ الحذر الشديد عند إعداد تقارير عن حوادث انتحار المشاهير.
◄ تسلَّح بالاحتراف المهني عند إجراء مقابلات مع أسرة المنتحر أو أصدقائه.
نهاية، علينا أن نتذكر دوماً أن محاربة ظاهرة الانتحار هي مسؤولية جماعية وليست فردية، و أن تكرار الحديث عن قصص الانتحار وابرازها بشكل مبالغ فيه يمكن أن يؤدي إلى زيادة انتهاج السلوكيات الانتحارية لاحقًا لذا يحبذ وضع القصص الصحفية عن الانتحار في الصفحات الداخلية وفي الجزء الأدنى من الصفحة، أما في أخبار الراديو أو التليفزيون فيوصى بأن يأتي الخبر في نهاية النشرة بدلًا من تصدُّره نشرات الأخبار.
كما ويجب الانتباه عند تناول هذه القصص على مواقع التواصل الاجتماعي أن يتم تناولها بهدف الحث على الابتعاد عنها باستخدام أسلوب منمق وألفاظ جيدة بعيداً عن التشهير بها وذلك تقليلاً لانتشار الهلع والفوضى بين أفراد المجتمع انطلاقاً من مسؤوليتنا الجماعية في محاربة هذه الظاهرة والحد منها.