“لمن يُهمه الأمر”.. قمة الشباب 2024: تجربة تتحدى الحرب وتبُث رسائل الأمل

اختتمَ المُنتدى الاجتماعي التنموي SDF، فعاليات “قمة الشباب 2024“، بعد ثلاثة أيامٍ مميّزة من العمل والتجهيز، والجلسات الحواريّة الفعالة، التي تناولت عدّة مواضيع تتعلّق بالنزوح والمُساعدات الإنسانية والشباب والشفافية في التوزيع، حيث جاءت تحت عنوان “لمن يُهمه الأمر“.

ونفّذ فريق المُنتدى القمة، التي يجري العمل عليها منذُ خمسة سنوات على التوالي، بالشراكة مع الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان، بعد أيامٍ من التدريب المكثف للشباب الذين كانوا العمود الفقري لفعاليات القمّة، حيث شاركوا كمحاورين ومُيسّرين ومُتحدثين فيها، إلى جانب صُنّاع القرار من المؤسسات المحلية والدوليّة والمُبادرين في الفترة ما بين 9 -11 نوفمبر الجاري.

نخبة من الحضور.. الشباب يُثبت قوّته

افتتحت القمّة يُسر عياد رئيس مجلس إدارة المُنتدى معبرةً عن فخرها بهذا الحضور المُميّز، والاهتمام الكبير الذي لاقتهُ القمّة، وقالت إنّ “القمة استثنائية وغير عادية بسبب الظروف الحالية، فقد جاءت بإصرار الشباب حيث نرى استثمار شبابنا على مدار السنوات إلى أين وصل”، مبينةً أن الحرب “كانت طاحنة، وهي تحدي لنا، إلا أنّ الشباب أصرّ على الاستمرار، وهذا استمرار للوطن والأحلام”.

وبيّنت أن المُنتدى اليوم يُرسل رسالة هامّة أنّ “هذه القمة موجودة، وتأكيدًا على الاستمرارية بجهود الشباب الذين كنا مؤمنين بدورهم”، وقالت “نعود الآن لنرفع شعار أنه لن يكون هناك أحد خلف الركب، سنستمر في التنمية وإعطاء الشباب فرصته، وهذا الحدث وإقامته الآن في هذه الظروف أكبر إثبات على ذلك”.

يُسر عياد، رئيس مجلس إدارة المُنتدى

من جانبه، تحدّث حسام صُبح، منسق المشروع، قائلًا إنّ هذا الحدث الكبير الذي ينفّذه المُنتدى سنويًا منذُ خمسة أعوام، يؤكد فيه على الحفاظ على أهمية الحوار والنقاش، والعمل على مبادئ الشفافية والنزاهة رغم الظروف، بل إنّ ما يجري اليوم يؤكد إلحاح هذه المبادئ لتنفيذها على الواقع.

وأضاف “نتوّج اليوم مشروعنا في قمة الشباب 2024، وهي حدث استثنائي، اليوم لأن نقول أن الشباب لهم دورٌ مُخم في هذا الوقت، وهو ما يتطلّب تسليط الضوء على دورهم وتدخلاتهم”.

حسام صُبح، منسق المشروع

الجلسة الأولى

انطلقت الجلسة الأولى من القمّة بعنوان “كيفَ تُدار مخيمات النزوح؟“، التي جرى تنفيذها في مساحة الأنشطة اللامنهجية في مخيم “عشان فلسطين 3” بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، واستضافت د. ناهض عيد، ممثلاً عن  مُخيم الأخوة للنازحين وسط غزة، وآدم المبيض، أحد أعضاء لجنة الشباب بالمُخيم، وسامي فحجان أحد أعضاء لجنة إدارة مُخيم “عشان فلسطين 3”. 

تحدّثت نغم الزين أحد محاوري الجلسة أنّ القمة اليوم تأتي في ظروفٍ مختلفة، متحدثةً عن أولويات الشباب واهتمامهم في المشاركة الفعالة في العمل الإغاثي وضرورة وجودهم في إدارة المُخيمات، قبل الانتقال للنقاش والسؤال مع الضيوف، إذ تطرّق د. ناهض عيد إلى تجربته في النزوح ثم انتقالها من تجربة شخص نازح إلى تجربة مُخيم كامل، انتقالًا للتطور الآخر الذي تمثّل في إنشاء لجنة لإدارة ومُتابعة هذا المُخيم، من منطلق الاهتمام بهموم النازحين ومتابعتها.

ضيوف الجلسة الأولى

وأشار عيد إلى ضرورة أن يهتم أصحاب المُخيمات بإدارتها من خلال لجان تمثّل جميع العائلات، وتمثل كُل الفئات الموجودة في المُخيم، وتعمل بالتنسيق مع الجهات الرسمية ومع المؤسسات التي تقوم بتوزيع المُساعدات، وتُساهم في تسيير شؤون النازحين داخله.

من جانبه، تحدّث آدم المبيض، عن أهمية وجود دور للشباب في تسيير أعمال لجان المُخيمات، أولًا للثقل الكبير الذي يحظى به الشباب وأعدادهم الكبيرة في المُخيمات وبصفتهم الأقدر على الحركة والعمل والمُتابعة، ثانيًا لكونهم فئة مهمة يجب أن تأخذ فرصتها.

أمّا سامي فجحان، فتحدّث عن تطور تجربة مخيّم “عشان فلسطين 3” في تكوين إدارته ومُساعدة أنفسهم، من خلال جمع مبالغ بسيطة من العائلات بدايةً لتنظيف المراحيض، ثمّ المُساهمة في تكوين لجنة للتشبيك مع المؤسسات والوزارات، ثم انتقالها للجنة تدير شؤون المُخيم وتكون حلقة الوصل مع المؤسسة.

الصورة التذكارية للجلسة الأولى

الجلسة الثانية

جاءت الجلسة الثانية بعنوان “دور الشباب في أوقات الطوارئ“، وقد يسّرها محمد الكولك، وأقرّها محمد إسماعيل، فيما تحدّث فيها كلًا من يوسف حلس ممثلًا عن شبكة شباب المُنتدى الاجتماعي التنموي، وأسيل حسين بالنيابة عن “شبكات شبابية من أجل النزاهة”، كما جرى استضافة منسق مبادرة “مدارس بلا حدود” الشابة نور نصار.

وتحدّث حلس عن دور شبكة شباب المُنتدى في الفعاليات والمُبادرات التي نفّذها SDF، حيث كان لهم الدور الهامّ بصفتهم الوقود الذي تنطلق به هذه المُبادرات، وشدّد حلس على أنّ “الشباب كان لهم تدخلات فعالة في عمليات التوزيع والعمل الميداني مع فريق المنتدى، إذ كان راعيًا للشباب وخلق بيئة خصبة لهم في العمل”.

ضيوف الجلسة الثانية

من ناحيتها، تحدّثت أسيل حسين عن المُبادرات والأنشطة التي أطلقتها شبكات النزاهة بعد تدريب الشباب حول الشفافية والعمل في أوقات الطوارئ، مبينةً أنّ دور الشبكة كان فعالًا في أوقات الطوارئ، ما ساهم في توعية الأشخاص واللجان في مُخيمات النزوح بدورهم وبأهمية الشفافية خلال عمليات التوزيع.

وتطرّقت نور نصّار عن فكرتها، وعن الدعم الذي لاقته من أصدقائها والمُحيط من حولها، إلّا أن ذلك لم يخلُ من التحديات الكبيرة، وعلى رأسها تحدي عدم توفّر التمويل الكافي لتنفيذ الفكرة، إلّا أنها نجحت في تخطي ذلك ليكون الآن لديها أكثر من 10 نقاط تعليميّة تُساهم فيها بتعليم العديد من الأطفال في محافظات قطاع غزّة.

الصورة التذكارية للجلسة الثانية

الجلسة الثالثة

الحوار الأخير، في الجلسة الثالثة انطلق بعنوان “مجتمعات النزوح ومزوّدي الخدمة“، حيث يسّرت الجلسة أفنان الشريحي، وأقرتها شهد حسنين، إذ استضافت وحاورت نائب مدير البرامج في مؤسسة العون الطبي للفلسطينيين “MAP UK” محمد الخطيب، ومدير شبكة المنظمات الأهلية PNGO أمجد الشوا، وعضو مجلس إدارة المنتدى الاجتماعي التنموي SDF ناجي ناجي، وسعيد أبو غزة من المطبخ المركزي العالمي WCK.

وقال أمجد الشوا، الذي إنّ “كل ما نقوم به في المؤسسات، ما نعمل من أجله وما نسمعه من الناس وأثر هذه الاستجابة يجعلنا أكثر إصرارًا وأكثر قوة”، مثنيًا على عمل الشباب وقوتهم وإصرارهم معتبرًا أنه شيء مُفرح ويؤكد أن هناك أمل دومًا”، مؤكدًا على ضرورة تظافر كل الجهود بين المؤسسات المحلية والمؤسسات الدولية ومختلف مزودي الخدمات والمُبادرين.

ضيوف الجلسة الثالثة

وتحدّث ناجي ناجي عن تجربة المُنتدى الاجتماعي التنموي الي نجحَ في العمل في عدة قطاعات، قائلًا إن برنامج “عشان فلسطين” كان نواة استجابة طارئة للأزمة الحالية التي يعيشها شعبنا ويشمل العمل في عدة جوانب بهدف دعم صمود المواطنين.

بينما قال محمد الخطيب إن “شراكاتنا مع المؤسسات مستمرة ونعمل وفق خطة طوارئ كي نتجاوز الأزمة الحالية التي يعيشها الشعب الفلسطيني. تدخلاتنا في عدة قطاعات بشكل رئيسي في الجانب الصحي مع وزارة الصحة ثم تدخلات مع المؤسسات الشريكة في العمل الإغاثي”.

كما بدأ سعيد أبو غزة حديثه عن تجربة المطبخ المركزي العالمي في الوصول إلى قطاع غزّة، التي بدأت بالتعاون مع المطاعم ثم مع حجم الكارثة الانتقال نحو الاحتياجات المختلفة للناس من خلال النزول إلى الأرض.

الصورة التذكارية للجلسة الثالثة

آراء متنوعة.. وإصرار على الاستمرار

في استطلاع لسلسلة من الآراء من الحاضرين في القمة، من الشباب والمُبادرين وممثلي المؤسسات وصُنّاع القرار، أجمع الكُل على دور الشباب المُهم في ظلّ ظروف الحرب التي يُعانيها قطاع غزّة، مؤكدين ضرورة استمرارهم وقيادتهم لزمام المُبادرة.

وقال محمد الخطيب من مؤسسة العون الطبي للفلسطينيين إنّ “الشباب هم المحرك لكل المجتمعات ونحن نتطلع لهم بأنهم الأساس للعمل اليوم في الميدان في قطاع غزة”.

فيما قال عبد المنعم الطهراوي، المُدرب والاستشاري، خلال مُداخلة في القمة إنها “كانت لافتة جدًا في هذا العام، أن يتم تنفيذها رغم الظروف الحالية”، مرجعًا ذلك لجهود الشباب وإصرارهم على العمل لنجاحها، إلى جانب فريق المُنتدى الاجتماعي التنموي”.

وبيّن أنّ الشباب ووجودهم اليوم يؤكد على دورهم في أوقات الطوارئ ووقت الحرب، وفي ظل هذا الظرف الذي نعيشه، وهو ما يؤكد أن الشباب الأولوية الكبيرة كي يساهموا في تجاوز هذه المحنة، ويقودوا المبادرات وينجحوا في إثبات جدارتهم.

عبد المنعم الطهراوي، مُدرب واستشاري

بدورها، قالت أسيل صافي، الشابة الحاضرة في القمة “من الرائع بعد أكثر من عام من المعاناة والويلات أن نرى هذه النفس الذي يتحدث به الشباب، طاقة الأمل المبعوثة منهم والرغبة الحقيقية في أن يقودوا عجلة التغيير، محاورة الشباب وفهم التحديات. أبرز ما يمكن الحديث فيه من تنفيذ حدث كقمة الشباب هو الإصرار والاستمرارية حتى في أوقات الأزمات والحروب”.

حدث شبابي سنوي.. الأمل موجود

جاءت قمة الشباب في العام 2024، بعد أن توقّفت عام 2023 نتيجةً لبدء الحرب بشكلٍ طاحن على شعبنا الفلسطيني، فانقطعت حينها التجهيزات التي كانت مكثفةً لإنجاز الحدث السنوي المُميّز الذي انطلق منذُ سنوات، بالشراكة بين المنتدى الاجتماعي التنموي والائتلاف من أجل النزاهة والمُساءلة – أمان.

لكنّها كانت فرصة هامّة، عبّر من خلالها الشباب عن دورهم وعن ضرورة استمرار عملهم، رغم ظروف الحرب، وهي خطوة لافتة، رأيناها في عيون الشباب وبين كلماتهم وحديثهم وحواراتهم المُتعددة، مع الضيوف وبين الحضور، كان كُلّ من زارها يعرف كلمةً واضحة تقول “لا زال الأمل موجودًا”، و”حنكمّل الطريق”.

من المهم الإشارة إلى أنّ القمة جاءت كتدريبٍ مكثّف حول مفاهيم العمل الإنساني في أوقات الطوارئ، شارك فيه 19 متدربًا ومتدربة، في وسط وجنوب قطاع غزّة، على مدار 6 أيامٍ تدريبيّة، وعلى يد نخبة من المُدربين الكفاءات، وقد كان هؤلاء الشباب الأداة الهامّة في نجاح القمة وفي تجهيزها وإتمام كُل تدريباتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *