“ما بدنا نكون زي أجدادنا”.. عُلا المبيض تُعلق حياتها على الأمل
مُخيّم الأخوة، مساحة من الأرض القاحلة الصفراء المعدومة من أيّ أشجار أو موارد. فيها الشمس فقط، تحرق وتقدحُ بمن يعيش على تُرابها. هُناك، في المكان الواقع في قرية الزوايدة، تحديدًا مُقابل شاطئ البحر، وقُرب نقطة أمنية قديمة تتبعُ للشرطة، يقعُ هذا المخيّم النائي.
فيه تعيش عائلة علا المبيّض، البالغة 27 عامًا. هذه العائلة مكوّنة من طفلٍ وأُمه وأبيه، كانوا في السابق يعيشون في حي الشيخ رضوان غرب مدينة غزّة. الابن الوحيد لعُلا، بلغ من العُمر سنتيْن فقط. إحدى هذه السنتين، كبُرها وعاشها وترعرع فيها في الحرب، تحت وطأة الصواريخ، وبين الخيم، هاربًا من مكانٍ إلى آخر مع والديه وعائلته.
“بدأنا نتأقلم”
نعيش ثلاثتنا في الخيمة، كُنا نعيش في السابق مع أكثر من عائلة في بيت واحد وخيمة واحدة، نحاول التعايش واستمرار الحياة. نزحنا ثلاث مرات، بدايةً نزحت إلى دير البلح ثم على مدينة رفح، قبل النزوح الأخير إلى الزوايدة بعد احتلال رفح.
عُلا المبيض
وتُضيف في حديثها عن مرارة النزوح المُستمرّة “الوضع في رفح كان صعب للغاية، الأمور تحسّنت فيما بعد، لكن الآن الوضع أصبح صعبًا جدًا. الوضع يتحسّن أحيانًا”. عند هذه النقطة، وقفنا لنسأل عُلا، التي ترى الوضع جيدًا الآن، باستغراب، قُلنا “في وضع أحسن في الخيم؟”، لكن عُلا قالت بإنطباعٍ سيء، “للأسف احنا بدأنا نتأقلم على هذا الوضع”!
يعمل زوج عُلا في فُرص عملٍ يوميّة، يوفّر ما يستطيع من قوت يومه لزوجته وطفله. يحاول توفير أيّ دخل، لتعيش الأُسرة. تقول عُلا عن ذلك “عنا طفل اله احتياجات مختلفة، مثل البامبرز والأدوية والحليب والسيرلاك وهي احتياجات صعبة وغالية”.
“الطرد بخفف وبساعدنا”
في وُجهتنا نحو مُخيّم الأخوة، قام المنتدى الاجتماعي التنموي SDF بتوزيع مجموعة من الطرود الغذائية، بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية NPA، وخلال عملية التوزيع، التقينا عُلا، التي جاءت لاستلام الطرد الغذائي. وقّعت عُلا وانطلقت نحو استلام الطرد، لحقنا بها وسألناها عن الوضع.
بفمٍ ضحوك، وبثوب الصلاة البسيط الذي باتت مُعظم النازحات في غزّة تلبسنه، قالت عُلا “الطرد الغذائي بوفّر علينا وبساعدنا في التخفيف من مصاريفنا واحتياجاتنا اليوميّة”.
تستذكرُ علا زوجها وفرص عمله التي يحاول دائمًا استمرارها ليُعيل طفله وزوجته، وتقول إنّ الاحتياجات الكثيرة التي نُريدها، ونحاول توفيرها للطفل، تجعل من الصعب الاستمرار في هذا الوضع.
تعتقد المرأة أنّ طفلها سيكون سعيدًا بعد توفير احتياجات الطرد، لأنّ ذلك سينعكس على العائلة، التي ستستطيع توفير المبلغ المالي الذي وفّرت من خلال الطرد، لشراء الحاجيات الأخرى والتخفيف من كاهل الأب.
“بدنا نرجع”..
هل سنعود إلى غزّة؟ هذا السؤال قررنا توجيههُ إلى عُلا، التي دمجت بين السُخرية والأمل والألم في كلماتها، خلال اللقاء والبحث عن القصة. لكنها أصرّت على أن “الأمل بوجه الله”، مُلقيةً الإجابة إلى المجهول فقط.
“بيتنا في غزة موجود بخير، لكن فيه بعض الأضرار.. ما بنقدر نقول حنرجع أو لا.. لأنه صعب”، تُضيف عُلا المبيّض. لكنها تقول أيضًا “أكيد بدنا نرجع، ما بدنا نكون زي أجدادنا في الـ 48 تهجروا وعاشوا في الخيم لسنين”!