“متمكن”.. مبادرة لتعزيز الدمج التعليمي وتهيئة بيئة شمولية في دير البلح

نفذت شبكة “الوصول للجميع” مبادرة جديدة تحت عنوان “متمكن“، داخل مركز البرامج النسائية في دير البلح، وسط قطاع غزّة، خلال الفترة من 29 سبتمبر وحتى 1 أكتوبر 2025، بمشاركة شبابية فاعلة، وبالتعاون مع إدارة المركز والعاملين فيه.

جاءت المبادرة في إطار مشروع “الوصول للجميع: تعزيز استقلالية وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة“،  الذي ينفّذه المنتدى الاجتماعي التنموي بالشراكة مع جمعية العون الطبي للفلسطينيين MAP

تعزيز الشمول داخل المساحات التعليمية

جاءت فكرة “متمكن” من قناعة الشباب بأن الإدماج الحقيقي يبدأ من الفهم، وأن الوعي هو الخطوة الأولى لبناء بيئة تعليمية دامجة تراعي التنوع الإنساني.

ركزت المبادرة على سلسلة من الأنشطة التفاعلية والتطبيقية التي شملت تدريبًا لمقدّمي الخدمات، وورشًا توعوية لطلبة المركز، إلى جانب تنفيذ مواءمات داخل المساحة التعليمية لتسهيل الوصول والمشاركة لجميع الأطفال.

وهدفت مبادرة “متمكن” إلى المساهمة في بناء بيئة تعليمية دامجة تُمكّن الجميع من التعلم والمشاركة دون تمييز، من خلال رفع كفاءة العاملين ومقدّمي الخدمات في المركز في مفاهيم الشمول وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ونشر الوعي المجتمعي من خلال توزيع بروشورات توعوية تُعرّف بالمصطلحات الصحيحة والمفاهيم اللائقة في التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة.

أنشطة المبادرة.. توعية وتطبيق عملي

على مدار ثلاثة أيام متتالية، نفذ فريق “الوصول للجميع” مجموعة من الأنشطة النوعية، تضمنت تنفيذ 6 ورش توعوية تفاعلية للأطفال واليافعين ليوميْن متتاليين، استهدفت 159 طالبًا وطالبة من الفئة العمرية (10–16 عامًا).

تناولت الورش مفهوم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وأهمية احترام التنوع، واستخدام لغة خالية من التنمر أو الوصم، وشارك الأطفال في أنشطة مرئية وألعاب تفاعلية ونقاشات مفتوحة عززت لديهم روح المساواة والاحترام، وانتهت بتعليقات تعبّر عن وعي جديد ورؤية أكثر إنصافًا لزملائهم من ذوي الإعاقة.

كما تضمّنت المبادرة تدريبًا للكوادر التعليمية ومقدّمي الخدمات، حيث استهدفت 17 من طاقم مركز البرامج النسائية والمعلمين، ركزت على مفاهيم الدمج والتعليم الشامل وطرق تسهيل مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الأنشطة التعليمية.

فيما أجرى المُبادرون مجموعة من المواءمات البيئية والمادية للمساحة التعليمية داخل المركز، شملت تركيب منحدرات تسهّل الحركة لذوي الإعاقة الحركية، بالإضافة إلى لافتات إرشادية واضحة داخل الممرات والمرافق.

واختُتمت المبادرة بتوزيع 450 بروشور توعوي داخل المركز ومحيطه، تضمّن المصطلحات الصحيحة للتعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، ورسائل تشجع على احترام الكرامة الإنسانية واستخدام لغة شمولية.

أثر ملموس وتفاعل واسع

حققت مبادرة “متمكن” أثرًا نوعيًا ملموسًا، تجلّى في التغيرات الإيجابية بمستوى الوعي والسلوك داخل المركز والمجتمع المحلي، فقد أبدى مقدّمو الخدمات والمعلمون رضا كبيرًا عن التدريب ومحتواه، معتبرين أنه زوّدهم بأدوات عملية يمكن تطبيقها داخل الصفوف اليومية.

وأظهر الطلاب المشاركون تفاعلًا لافتًا خلال الورش التفاعلية، عبّر عنه بعضهم بكلمات بسيطة لكنها عميقة في معناها، حيث قال الطالب سامي السلطان: “تعلمت إنه إذا شفت شخص من ذوي الإعاقة وطلب مني مساعدة، لازم أساعده وما أرفض”.

فيما قالت الطالبة دلال بركة: “تعلمت إنهم يسموهم أشخاص ذوي إعاقة، ولازم ما نتنمر عليهم ونساعدهم”، وأضافت زميلتها مريم أبو الديب: “تعلمت إننا كلنا متشابهين وما بنختلف عن بعض، ورح أعلم صحباتي اللي اتعلمته”.

 بينما عبّر صلاح غراب عن انطباعه بالقول: “تعلمت إنه ممنوع أضحك على الأشخاص ذوي الإعاقة، وحبيت الورشة كتير”، وهو ما يعكس الأثر العميق الذي تركته المبادرة في نفوس الأطفال، إذ ساعدتهم على فهم معنى الاحترام والتنوع بطريقة عملية وبسيطة.

نحو بيئة تعليمية دامجة

تمثل مبادرة “متمكن” خطوة متقدمة ضمن جهود المنتدى الاجتماعي التنموي وشبكة الوصول للجميع لتعزيز الدمج والتوعية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أمّا الأثر الحقيقي للمبادرة لم يكن فقط في الأرقام، بل في التحول الإيجابي في وعي وسلوك الأطفال والمعلمين والمجتمع، نحو مجتمع أكثر شمولًا وقدرة على احتضان جميع أفراده بكرامة وعدالة.

وقالت هلا حمدان إحدى شابات المُبادرة: “كانت المبادرة تجربة مثمرة تركت أثرًا واضحًا في وعي الطلبة والمجتمع المدرسي تجاه مفهوم الدمج والتقبّل”، بينما قال مصعب أبو سمرة: “مبادرتنا جسّدت إيمانّا إن التعليم حق للجميع، ومن خلال تمكين المعلّمين وتوعية الطلاب، قدرنا نخلي الدمج واقع حقيقي يزرع القبول والانتماء داخل البيئة التعليمية”.

مُبادرات الوصول للجميع

يُذكر أن شبكة “الوصول للجميع” أطلقت سلسلة من المُبادرات التي يجري تنفيذها على مدار عدّة أشهر، في جميع محافظات قطاع غزّة، تتركّز في العمل على مراكز الإيواء ومخيمات النزوح، وتستهدف فئاتٍ متنوعة، منها بشكلٍ أساسي فئة الأشخاص ذوي الإعاقة.

وتأتي المبادرات في عدّة جوانب، منها ثقافية، اجتماعية، توعوية، نفسية، وتحاول تعزيز الوعي المجتمعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتأكيد التضامن المُجتمعي، بالإضافة إلى تعزيز مشاركة الشباب الفعّالة، حيث تلقوا تدريباتٍ مكثفة مسبقًا، وقدّموا عرضًا للمبادرات، قبل اختيارها من قبل لجنة تحكيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *