هديل البردويل.. طرود الخضار تُنعش العائلات النازحة في ظل غلاء الأسعار
استشهدَ زوجها، بقيت مع أطفالها، نزحت، من مدينة إلى أُخرى، ومن مدرسة إلى بيتٍ مُدمّر، ولا تعيش سوى على ما يأتيها من الناس. هذه ببساطة، قصة “هديل كايد البردويل”، التي تبلغُ 38 عامًا، وهي السيّدة التي نزحت من جباليا شمالي قطاع غزّة إلى الزوايدة وسط القطاع.
تعيشُ هديل حاليًا مع أهلها في منزلهم المدمّر في بلدة الزوايدة، حيث لا شيءَ يأويهم، على الرُكام وبين الدمار، بلا جُدران، ولا شيء يسندون رؤوسهم في آخر الليل، وبعد يومٍ مُتعبٍ وطويل، عليه.
استشهدَ زوجُ هديل في نوفمبر 2023، حين تعرّض منزل جيرانهم للقصف، لتخرج العائلة من تحت الرُكام، وقد خسرت ربّ الأسرة ومُعيلها الأساسي، وليتركَ ثلاثة أطفالٍ لهديل، هُم: بدر، براء، وجوري. الأوّل مريضٌ بالأزمة، الفتاة تُعاني من الإصابة بعدّة حروق، ويعيشون بلا قدرة على توفير الأدوية.
بداية نزوحه هربت هديل وأطفالها إلى مدرسة “ابن رشد” في الزوايدة، لكن الظروف الصعبة والضغوط التي تعانيها المدارس ومراكز الإيواء، دفعها لترك المكان، فلا ملجأ إلا بيت العائلة الكبير، الذي دُمّر أيضًا بالطائرات نتيجةً للحرب وصار جزءًا منه في الركام.
يُعيد إلينا الروح
“لا يوجد أي مصدر دخل للعائلة”، بهذه الكلمات تحكي هديل، التي جاءت لاستلام طردٍ الخضار الطازجة من المنتدى الاجتماعي التنموي، الذي جرى توزيعه بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية NPA، في إطار مشروع “تحسين فرص الحصول على المساعدات الغذائية للفلسطينيين في قطاع غزة المتضررين من العدوان الإسرائيلي المستمر“.
وقالت هديل خلال عملية التسليم “إن الطرد يساهم في مساعدتي ومساعدة أولادي”، ووصفت الطرد بأنه “يُعيد إليها الروح”، كونهُ يُساعد العائلة ويخفف من الأعباء، ويساهم في فرحة أطفالها.
وتُضيف هديل التي تضحك وتُعبّر عن سعادة، مغمسة بالحزن وخيبة الأمل مما آله إليه الظروف، “بردّ روح ولادي، خصوصًا أنا كأمهم، ما في عنا أي إمكانيات لا طحين ولا أي نوع من أنواع الأكل. بكون مبسوطة لما بحمل إلهم الطرد على البيت، وبكون مطمنة إنهم حياكلوا”.
تُشيد هديل بدور المؤسسات التي تُساهم في عملية التوزيع، لما لهذه الطرود من أثرٍ كبير على الأسر المتضررة من العدوان والنازحة، وهو ما يخفف عن كاهلها ثقل الحياة والظروف الصعبة، فقد عانى مُعظم الناس منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، من عدم توفر أي مصدر للدخل.
تقول السيدة الفلسطينية “حتى أهلي اللي بعيش معهم ما عندهم أي مصدر دخل، لذلك ما بنقدر نساعد بعض”. لكنها تأمل أن تستمر هذه المساعدات التي تُخفف عن الناس، وتدعم أيامهم.
مئات الطرود
هديل كانت إحدى المستفيدات من عملية التوزيع الأخيرة التي استكملها المنتدى الاجتماعي التنموي حيث قدّم طرود الخضار الطازجة، على أكثر من 190 أسرة من العائلات الفلسطينية الأكثر حاجةً، بين النازحين في وسط وجنوبي قطاع غزّة، وذلك في إطار دعم العائلات ومساعدتها في ظل الظروف الحالية.
شارك متطوعو شبكة شباب المُنتدى الاجتماعي التنموي في عملية التوزيع، حيث أشرفوا على العملية ومتابعة المستفيدين وتسليم الطرود، وقام بعضهم بمساعدة العائلات والسيدات اللواتي حضرن لعملية التوزيع.
ويأمل المنتدى أن تُخفف هذه الطرود من الظروف الصعبة التي يُعانيها النازحون، حيث تتفشى أزمة الجوع غلاء الأسعار بشكلٍ كبير منذ أكثر من شهريْن، نتيجةً لإغلاق المعابر وشح دخول المساعدات الإنسانية والبضائع للتجار.