إيمان أبو جراد.. النزوح ليس عائقًا أمام الحُلم

اسمي إيمان ناهض محمد أبو جراد.. الحرب والنزوح سرقوا منّا الاستقرار

بهذه الكلمات تبدأ إيمان حديثها، وتروي بصوتٍ يحمل الكثير من الصبر والأمل قصة نزوحها القاسي.

إيمان، من مواليد عام 2000، التي تجاوزت الآن 24 عامًا، من سكان بيت حانون في شمال قطاع غزة، انتقلت مع بداية الحرب من بيت حانون إلى النصيرات، ثم إلى رفح، وبعدها إلى دير البلح، وأخيرًا إلى مدينة غزة، تحديدًا في حي الرمال، لم تكن الحياة سهلة بالنسبة لها خلال مُعاناة الحرب.

في دير البلح، وتحديدًا منطقة الزوايدة، كانت الأصعب، إذ اضطرت للعيش في خيمة، في ظروف لا تُحتمل. “الخيمة كانت رديئة العزل، كنا نعاني من حرارة الشمس القاسية، والماء المالح زاد من الحساسية على بشرتنا. أنا شخص من ذوي الإعاقة البصرية، ووجودي في هذا المكان الصعب خلّف آثارًا صحية ونفسية كبيرة، منها حساسية العينين والتهاب الجيوب.”

رغم ذلك، لم تستسلم إيمان. فهي طالبة ماجستير في التربية الخاصة، وتحاول أن تتحدى إعاقتها والعقبات المحيطة بها، رغم أنها تعترف بأن الأمر ليس سهلًا: “أحيانًا بندم لأني سجلت، الدراسة عبر الجوال أتعبتني كثير، عيوني بتوجعني من القراءة، وبزيد دمعهم وضغط العمل بيخليني أتوتر”.

في ظل هذه التحديات، جاءت فرصة التدريب ضمن مشروع “الوصول للجميع: تعزيز استقلالية وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة“، الذي أطلقه المنتدى الاجتماعي التنموي بالشراكة مع جمعية العون الطبي للفلسطينيين (MAP) في إبريل/نيسان 2025، كمفتاح أمل في حياة إيمان.  يهدف المشروع إلى تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز استقلاليتهم، من خلال تحسين وصولهم للخدمات والاحتياجات الأساسية، وزيادة مشاركتهم المجتمعية، والتأثير في مقدمي الخدمات لضمان الاستجابة الفعلية لاحتياجاتهم.

اقرأ/ي: نور الأطرش.. حين تتحوّل التحديات إلى رسالة

التدريب كان نقطة تحول في حياتي. اكتسبت معلومات جديدة دعمت معرفتي الأكاديمية، خاصة في موضوعات مثل كتابة الاستبانات، وهي جزء أساسي من مشروعي للتخرج. حتى شخصيتي تغيّرت، تعلمت كيف أتحكم في اندفاعي وحماسي، وكيف أكون أكثر توازنًا عند تنفيذ المهام.

إيمان أبو جراد

في إطار المشروع، تأسّست شبكة شبابية مكونة من 30 شابًا وشابة من ذوي الإعاقة وغيرهم، وتم تدريبهم على قيادة مبادراتٍ إنسانية في ظل الظروف الطارئة التي يمر بها قطاع غزة. إيمان كانت واحدة من هؤلاء الشباب، وقد وصفت التجربة بأنها استثنائية، قائلة: “الشباب والصبايا كانوا رائعين، مهاراتهم الاجتماعية كانت مذهلة، واندمجنا بسرعة. شعرت بأنني أخيرًا وجدت بيئة تتفهمني وتحتويني”.

رغم التحديات البصرية، إلا أن فريق التدريب لم يغفل عن توفير المواءمات اللازمة: “كنت أخجل أحيانًا من القراءة، بسبب الخط البعيد والكتابة الصغيرة، لكن الحمد لله وجدت دعم كبير من الفريق، كبروا الخط، وفروا شاشة كبيرة، وخلوني أحس إني مش لحالي”.

اليوم، لا تنظر إيمان إلى التدريب كمرحلة وانتهت، بل كبداية لحلم أكبر: “كان حلمي أن أكون جزءًا من المنتدى الاجتماعي التنموي. الآن صار حلمي أن آخذ مكاني فيه، وأترك بصمتي معهم”.

قصة إيمان ليست مجرد حكاية فردية، بل شهادة حيّة على أهمية تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، والاستثمار في طاقاتهم، فمع المشاريع الهادفة مثل “الوصول للجميع“، يصبح الأمل أقرب، وتتحول المعاناة إلى حافز لبناء مستقبل أكثر عدالة وشمولًا في قطاع غزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *