اختتام فعاليات “قمة الشباب 2025” في غزة.. الشباب من الأزمة إلى قيادة التعافي

اختتم المنتدى الاجتماعي التنموي فعاليات “قمة الشباب 2025“، التي انعقدت بين 28 و30 سبتمبر 2025 في وسط قطاع غزة، تحت شعار “الشباب: من الأزمة إلى قيادة التعافي“، بالشراكة مع الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان.

جاءت القمة السنوية كمنصة حوارية تجمع الشباب الفلسطيني مع صُنّاع القرار وممثلي المؤسسات الوطنية والدولية، لتعزيز مشاركتهم في صياغة أولويات المجتمع وقيادة جهود التعافي بعد حرب الإبادة الجماعيّة التي أصابت القطاع منذ 7 أكتوبر 2023.

انطلقت القمة في اليوم الأول بحفل افتتاحي تضمن كلمات ترحيبية من ممثلي المنتدى الاجتماعي التنموي والائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان، حيث تم تقديم برنامج القمة وأهدافها للثلاثة أيام، مع حضور مكثف لشباب القمة وصُنّاع القرار والخبراء المحليين والدوليين وممثلي المجتمع المدني والمحلي.

في افتتاح القمة، تحدّث محمود الزنط، المدير العام للمنتدى الاجتماعي التنموي، قائلًا إنّ “في هذه السنة تنطلق القمة في ظل استمرار الإبادة الجماعية واستمرار الممارسات الوحشية الإسرائيلية، والنزوح والتدمير في غزة، واستمرار الممارسات الإسرائيلية العنصرية في محافظات الضفة الغربية”.

تأتي قمة الشباب 2025 بإصرار وطاقة عالية من الشباب المتطوعين والمبادرين لاستمرار الفعاليات الشبابية ومواصلة دورهم في قيادة الحوار ونقاش القضايا المهمة للناس وتحسين مشاركة الشباب بشكلٍ فعلي وواقعي ونقاش القضايا الساخنة التي تُهم كل المواطنين في القطاع.

محمود الزنط، المدير العام للمنتدى الاجتماعي التنموي

ووجّه الزنط الشكر لكلّ الشباب والمتطوعين، وشباب “قمة الشباب 2025” ومدرسة النزاهة، بالإضافة إلى تقديره الكبير لجهود طاقم المنتدى الاجتماعي التنموي في قطاع غزّة، الذي يعمل في ظلّ ظروفٍ صعبة، عدا شكره جميع الشُركاء العاملين مع المنتدى.

بدوره، أكد الدكتور نادر أبو شرخ، نائب رئيس ائتلاف أمان، على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين الائتلاف والمنتدى الاجتماعي التنموي في عقد مثل هذه القمم الشبابية السنوية، وأشاد بدور الشباب الفاعل في قيادة الجلسات الحوارية مع صنّاع القرار، مبرزًا ما يتمتعون به من مهارات عالية في القيادة وإدارة الحوار، وقدرتهم على تحقيق هذا المستوى المتميز من التنظيم رغم الظروف الاستثنائية التي يمر بها قطاع غزة.

وعن القمة، قال صلاح الرزي منسّق مشروع شباب من أجل النزاهة، ومنسّق القمة، إنّ “قمة الشباب كانت تجربة استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى حيث رغم الظروف القاسية التي يعيشها قطاع غزة، أثبت الشباب الفلسطيني قدرته على تحويل الألم إلى قوة، والتحديات إلى فرص للحوار والعمل الجماعي”.

كانت مفعمة بالتفاعل والإصرار، وعكست وعيًا عميقًا لدى المشاركين بأهمية دورهم في صياغة مستقبل أكثر عدلًا ومساءلة. بفضل الجهود التنظيمية الدقيقة وروح التعاون، نجحنا في تحقيق مخرجات ملموسة تُعبّر عن رؤى الشباب وتطلعاتهم نحو تعافٍ يقوده المجتمع المحلي، عنوانه الأمل والمسؤولية بأهمية دور الشباب المجتمعي.

صلاح الرزي منسّق مشروع شباب من أجل النزاهة

التعليم نحوَ الأمل 

وجاءت الجلسة الأولى من القمة بعنوان “التعليم نحو الأمل“، حيث انعقدت في مطعم العاصمة بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء وممثلي المؤسسات التعليمية.

أدارت الجلسة شهد أبو زعنونة من مدرسة النزاهة، بحضور د. نادر أبو شرخ، نائب رئيس جامعة فلسطين للتعليم المستمر وخدمة المجتمع، حمزة أبو عيشة، مسؤول مساحات المنتدى الاجتماعي التنموي، بهاء الشطلي، منسق مجموعة التعليم في حالة الطوارئ – اليونيسف، محمد نصار، مدير المشاريع في وزارة التربية والتعليم.

وتناولت الجلسة عدّة محاور، أبرزها: واقع التعليم تحت الهدم والنزوح، المبادرات الشبابية التي أسهمت في إيجاد بدائل للتعليم، دور الابتكار والتكنولوجيا في بناء منظومة تعليمية آمنة وعادلة، ومحور آخر حول سؤال “من يحدد أولويات التعليم في مرحلة التعافي؟”.

ركزت الجلسة على التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع التعليم في غزة، حيث تعرضت معظم المدارس لأضرار جزئية أو كلية، ما أثر على آلاف الطلاب والمعلمين. كما تم تسليط الضوء على المبادرات الشبابية البديلة مثل المساحات التعليمية، ودور التكنولوجيا والابتكار في تطوير منصة رقمية فلسطينية موحدة للتعليم في حالات الطوارئ.

وشدد المتحدثون على أهمية إشراك الطلاب والشباب في رسم السياسات التعليمية وخطط التعافي، وتعزيز التنسيق بين وزارة التربية والتعليم والمؤسسات التعليمية والمجتمعية.

الشباب والعدالة في التوزيع

انعقدت الجلسة الثانية عبر تقنية “زووم”، بعنوان: “أين تذهب المساعدات؟ الشباب والعدالة في التوزيع“، حيث ناقشت آليات توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة والفجوات القائمة، وأدوات الشباب في الرصد والمساءلة المجتمعية.

أدارت الجلسة رولا عاشور، من شباب النزاهة، حيث شارك فيها، د. فداء صبح، مدير ملتقى المستشفيات والمطابخ الميدانية والمطاعم في المطبخ المركزي العالمي، وعلي عبد الوهاب، مسؤول المتابعة والتقييم في المنتدى الاجتماعي التنموي، ووائل بعلوشة، المدير الإقليمي للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان.

ناقشت الجلسة آليات توزيع المساعدات والفجوات القائمة، ودور الشباب في الرصد المجتمعي والتوثيق الرقمي للانتهاكات. وتم التأكيد على ضرورة وجود شبكة مركزية لجمع البيانات، وتحديد الاحتياجات بدقة قبل توزيع المساعدات، واعتماد أدوات ومنهجيات للرصد تضمن العدالة والمساءلة.

كيف ننظم العمل الإنساني وسط الفوضى؟

وجاءت الجلسة الثالثة بعنوان “مخيمات النزوح: كيف ننظم العمل الإنساني وسط الفوضى“، حيث تضمّنت نقاشًا جادًا حولَ مخيمات النازحين وآليات التوزيع وعدالتها فيها.

وأدارت الجلسة الشابة رؤى أبو عبادي، وشارك فيها، هاني الرملاوي، مدير التطوير والشراكة الاستراتيجية للإغاثة الزراعية الفلسطينية، أمجد الشوا، مدير عام شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، وحسام صبح، منسق مشروع في المنتدى الاجتماعي التنموي.

ناقشت الجلسة واقع النزوح الداخلي في غزة، إشكاليات إدارة مراكز الإيواء، ودور الشباب في الاستجابة الميدانية، وسبل بناء نظام إدارة إنساني أكثر كفاءة.

شدد المتحدثون على توحيد قاعدة بيانات النازحين، وضع معايير ملزمة لإدارة المخيمات، وتمكين الشباب من المشاركة في التخطيط والتنظيم، إضافة إلى التحول نحو استجابة تنموية مستدامة توفر حلول إسكان كريمة كالخيام الملائمة والكرفانات.

توصيات رئيسية وهامّة

تضمّنت النسخة الأخيرة من قمة الشباب، العديد من التوصيات التي استخلصها مُقرّرو الجلسات من نقاشٍ طويل وموسّع، خاضهُ الحضور مع الضيوف، ومع الشباب، وقد أكدت القمة على التالي:

  1. تعزيز التنسيق بين وزارة التربية والتعليم والمؤسسات التعليمية والمجتمعية لضمان تكامل الجهود.
  2. دعم وتوسيع المساحات التعليمية كمبادرات شبابية لضمان استمرار التعليم وحماية حق الطلاب.
  3. تطوير منصة تعليمية رقمية فلسطينية موحدة للتعليم في حالات الطوارئ.
  4. إشراك الطلبة والشباب بشكل مباشر في رسم السياسات التعليمية وخطط التعافي.
  5. توحيد قواعد البيانات المتعلقة بالنازحين وتحسين آليات توزيع المساعدات الإنسانية.
  6. إشراك الشباب في الإدارة والتخطيط للمبادرات المجتمعية والإنسانية لضمان استدامة العمل.

تجربة فعّالة ومثمرة

سألنا د. طلال أبو ركبة، أحد مُدربي القمة والمشاركين في تأهيل الشباب لقيادة الحوار فيها، عن رأيه بعد إتمامها، حيث قال: “قمة الشباب موفقّة، الشباب أدوا فيها بشكلٍ إبداعي، خاصةً في إدارة الحوار والنقاش وتيسير الجلسات. الأجواء كانت تفاعلية للغاية، خصوصًا أن القمة كانت هذه السنة في مواضيع حساسة ومهمة مثل التعليم والنزوح والمُساعدات”.

الشباب نجحوا في إيصال الرسالة وإيصال صوت الناس لكل المسؤولين من خلال حوار فعّال في الجلسات، وشهدت تفاعل من الشباب المُشاركين، وجهود الشباب كانت مميّزة.

د. طلال أبو ركبة، أحد مُدربي القمة والمشاركين في تأهيل الشباب لقيادة الحوار فيها

وقالت الشابة مرح الزنط، عن تجربتها كمشاركة في الحوار: “مشاركتي في قمة الشباب 2025 كمتحدثة ألقيت البيان الختامي، كانت تجربة عنجد فرّجتني قدّيش احنا شباب غزة ما بنستنّى التغيير… إحنا اللي بنصنعه رغم كل الظروف ما بنستنى حدا يعطينا مساحة نحكي فيها، إحنا بنخلقها بإصرارنا لأنو صوتنا قادر يحوّل الألم لأمل، والفوضى لقوّة بتنظّم وبتبني المجتمع من جديد”.

بصراحة.. قمة الشباب فاقت كل التوقعات، بكل المقاييس! كنا متوقعين حوارات عادية، بس اللي صار كان شرارة حقيقية أشعلت الأفكار وغيرت الموازين. لما تجمعنا أثبتنا إن طاقتنا مش مجرد كلام. إحنا جيل بنصنع الفرق وبنبني لبكرة، والبداية كانت منها ولقدام  وبقوة.

عبد الرحمن شبير، مقرر جلسات القمة

وتحدثت رولا عاشور، إحدى ميسّرات الحوار في القمة، أنّ “قمّة الشباب كانت حدثًا مُميزًا جِدّاً كان وجودي فيه بمثّل فيه صوت الشباب أعطتنا فُرصة إنّا نحكي ونعبّر عن رأينا ونناقش في موضوع زيّ موضوع المساعدات ونسمع من صُنّاع القرار وأكدّنا على أهمية تمكين وإشراك الشباب في صناعة القرار”.

كما قالت هلا حمدان، إحدى الحاضرات للقمة، التي أبدت انطبعًا مدهشًا عن الحوار والنقاش: “حضرتُ في قمة الشباب جلسة عن أهمية التعليم في ظل الظروف الصعبة، وكان الحديث يسلّط الضوء على أن التعليم حق لا يمكن التنازل عنه مهما كانت التحديات. تحدّث مختصون في مجال التعليم بعمق عن واقع الأزمة والحلول الممكنة للنهوض بالقطاع. وكان المقدّمون أكثر من رائعين، قدّموا الجلسة بروح إيجابية وأسلوب مؤثر مليء بالأمل”.

حوار أكثر.. مستقبل أفضل

تُعد قمة الشباب منصة سنوية ينظمها المنتدى مع أمان، منذ عدة سنوات، لتسليط الضوء على رؤية الشباب الفلسطيني في القضايا الوطنية والمجتمعية، وتعزيز مشاركتهم في صنع السياسات العامة.

 ركزت هذه النسخة من القمة على تمكين الشباب من لعب دور قيادي في التعافي من آثار الحرب، من خلال جلسات حوارية وورش عمل وتدريبات سابقة نظمتها مدرسة النزاهة، والتي هدفت إلى تعزيز النزاهة والمساءلة وتمكين الشباب في المراقبة والتوثيق والمشاركة المجتمعية.

اختتمت فعاليات القمة بتأكيد القائمين على أهمية تمكين الشباب والمجتمع المحلي كشركاء أساسيين في إدارة العملية التعليمية والإنسانية، مع ضرورة التكاتف بين الحكومة والمؤسسات التعليمية والمجتمع المدني لضمان استمرارية التعليم والوصول العادل للمساعدات الإنسانية، وتحويل المبادرات الشبابية إلى ركائز حقيقية للتعافي وإعادة بناء قطاع غزة على أسس أكثر عدلاً واستدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *