“نقطة ووعي جديد”.. مبادرة لحماية الأطفال وتعزيز الوعي المجتمعي

أطلقت شبكة “الوصول للجميع”، مبادرة “نقطة ووعي جديد”، داخل مخيم اليرموك للنازحين في مدينة غزة، وذلك خلال الفترة من 26 أغسطس وحتى 2 سبتمبر 2025، حيث جاءت المبادرة استجابةً للاحتياجات الملحة في بيئة النزوح، وسط ازدياد مخاطر الاستغلال والإيذاء بحق الأطفال واليافعين، خاصة من ذوي الإعاقة.

وتأتي المبادرة في إطار مشروع “الوصول للجميع: تعزيز استقلالية وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة” الذي ينفذه المنتدى الاجتماعي التنموي، بالشراكة مع جمعية العون الطبي للفلسطينيين MAP.

وقد سعت المبادرة إلى بناء وعي وقائي لدى الأطفال وأولياء الأمور، من خلال سلسلة من الأنشطة التفاعلية والمبسطة التي جمعت بين التوعية، الترفيه، والتمكين السلوكي.

أنشطة توعوية مبتكرة.. من التدريب إلى مسرح الدمى

قاد فريق المبادرة المكوّن سلسلة نشاطات بدأت بورشة تدريبية متخصصة في مفاهيم الحماية من الاستغلال والانتهاك الجنسي (PSEA)، نفذها المنتدى الاجتماعي التنموي بالتنسيق مع شبكة سند، استهدفت 12 شابًا وشابة من شبكة “الوصول للجميع” بهدف إعدادهم كقادة ومرشدين لتطبيق أنشطة المبادرة داخل المخيم.

وانتقلت المبادرة بعدها إلى مساحة مخيم اليرموك، حيث نُظّمت عروض مسرح الدمى التوعوي من 28 وحتى 30 أغسطس، وقدمت مفاهيم الحماية بلغة قصصية مبسطة، شارك فيها 65 طفلًا من ذوي الإعاقة وغيرهم. وقد ساهم هذا الأسلوب في كسر حاجز الخوف، وجعل الأطفال يعبرون عن فهمهم للرسائل التوعوية بطريقة تلقائية وتفاعلية.

جلسة خاصة للأهالي.. و”مساحة آمنة للحديث”

في الثاني من سبتمبر، جرى تنفيذ جلسة توعوية خاصة لأولياء الأمور ومقدمي الرعاية داخل المخيم، حضرها 50 مشاركًا ومشاركة، وركزت على كيفية ملاحظة علامات الخطر، وتقديم الدعم النفسي الصحيح للأطفال، وآليات الإبلاغ في حال التعرض لأي شكل من أشكال الإيذاء.

وشهدت الجلسة نشاطًا لافتًا بعنوان “مين بقدر يساعدني؟”، أتاح للأهالي مشاركة تجاربهم وأسئلتهم، في مساحة آمنة قائمة على التعاطف والتبادل، ما عزّز الإحساس بالمسؤولية الجماعية تجاه حماية الأطفال داخل المخيم.

وصول واسع للمجتمع المحلي

اختُتمت المبادرة بحملة توعية مجتمعية واسعة شملت توزيع 400 بروشور توعوي على النازحين في محيط ملعب اليرموك، احتوت على رموز مبسطة تسهّل فهم طرق الاستغاثة وطلب الحماية، بما يضمن وصول الرسالة حتى لمن يواجهون صعوبات في القراءة أو الإدراك.

أثر إنساني لافت.. من الصمت إلى التعبير

لم تقتصر نتائج المبادرة على الأرقام، بل ظهرت ملامح أثر عميق على سلوك الأطفال وقدرتهم على التعبير عن مشاعرهم. 

ومن بين القصص المؤثرة، قصة طفلة من ذوي الإعاقة الحركية كانت ترفض المشاركة في أي نشاط وتعاني من نوبات غضب مستمرة، قبل أن تفاجئ الجميع بتفاعلها الإيجابي بعد عرض مسرح الدمى. ووفق ما قالته والدتها، فإن “المبادرة كانت نقطة تحول.. ابنتي أصبحت أكثر هدوءًا وتواصلًا”.

كما عبّر أولياء الأمور عن استفادتهم الواضحة من جلسات التوعية، مؤكدين أن المبادرة زودتهم بأدوات عملية لفهم سلوكيات أطفالهم، وحمايتهم من أي تهديد محتمل.

تفاعل إيجابي.. وتجربة مميّزة

أبدى الحضور ارتياحهم لمحتوى الأنشطة، وجاءت التغذية الراجعة لتعكس أثر المبادرة، حيث قالت إحدى الأمهات المشاركات إنّ “الورشة رائعة، الآن أعرف كيف أحمي أطفالي”، بينما قالت سيّدة أخرى شاركت في المكان: “معلومات مهمة، كنت بحاجة لمعرفة طرق الإبلاغ وكيف أكون سندًا لابني”.

وقالت حنين الكفارنة، من فريق المبادرة، إنها “كانت بمثابة محاولة لوقف أي تصرفات غير مسؤولة يتعرّض لها الأشخاص ذوي الإعاقة ومن غير إعاقة.. وعند تنفيذ المبادرة وتلّقي التقييم الإيجابي من الأطفال وأولياء الأمور كانت من أفضل لحظات حياتي”.

ويقول يوسف الغلاييني، أحد منفذي المبادرة: “من خلال مبادرة “نقطة ووعي جديد” استطعنا أن نكون جزءًا من تغيير بسيط، لكنه عميق الأثر”. 

وأضاف: “عملنا على تعزيز وعي الأطفال من ذوي الإعاقة وغيرهم بحقوقهم، ونجحنا في خلق مساحة آمنة تمكّنهم من فهم أجسادهم والتعبير عن أنفسهم دون خوف. لقد كانت تجربة ملهمة، أدركنا من خلالها مدى قدرة التوعية على صناعة فارق حقيقي في حياة الأفراد”.

بهذا، شكّلت مبادرة “نقطة ووعي جديد” نموذجًا تطبيقيًا لآليات الحماية المبنية على التوعية المجتمعية والتمكين السلوكي، مؤكدة أن الوعي بداية الحماية، وأن بناء الأمان يبدأ من كلمة، فكرة، أو عرض دمى بسيط قادر على فتح باب من الفهم والكرامة.

مُبادرات الوصول للجميع

يُذكر أن شبكة “الوصول للجميع” أطلقت سلسلة من المُبادرات التي يجري تنفيذها على مدار عدّة أشهر، في جميع محافظات قطاع غزّة، تتركّز في العمل على مراكز الإيواء ومخيمات النزوح، وتستهدف فئاتٍ متنوعة، منها بشكلٍ أساسي فئة الأشخاص ذوي الإعاقة.

وتأتي المبادرات في عدّة جوانب، منها ثقافية، اجتماعية، توعوية، نفسية، وتحاول تعزيز الوعي المجتمعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتأكيد التضامن المُجتمعي، بالإضافة إلى تعزيز مشاركة الشباب الفعّالة، حيث تلقوا تدريباتٍ مكثفة مسبقًا، وقدّموا عرضًا للمبادرات، قبل اختيارها من قبل لجنة تحكيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *