“حبكة محبة”.. مبادرة جديدة من “الوصول للجميع” تنسج بخيوطها دعم النساء في دير البلح

انطلقت مبادرة “حبكة محبة”، التي تنفذها شبكة “الوصول للجميع”، لتكون خيط أمل جديد يدمج بين التمكين الاقتصادي والدعم النفسي والتوعية الحقوقية، مستهدفةً النساء المعيلات لأسرهن، من ذوات الإعاقة وغيرهن، في مخيم الحياة الشمولي للأشخاص ذوي الإعاقة بمدينة دير البلح.

وتأتي المبادرة في إطار مشروع “الوصول للجميع: تعزيز استقلالية وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة” الذي ينفذه المنتدى الاجتماعي التنموي، بالشراكة مع جمعية العون الطبي للفلسطينيين MAP.

جاءت فكرة المبادرة بعد دراسة ميدانية أجراها الفريق، كشفت عن الحاجة الماسة لدى النساء إلى فرص عمل ودخل مستدام، خصوصًا في ظل ما خلفته الحرب من فقدان مصادر الرزق وتدهور الأوضاع النفسية. 

من هنا، صُممت مُبادرة “حبكة محبة” لتكون مساحة تمكين حقيقية تُعيد للنساء الثقة بأنفسهن، وتفتح أمامهن بابًا نحو العمل والإنتاج والدمج المجتمعي.

أيام تدريب مكثفة

على مدار عشرة أيام من 6 حتى 16 أكتوبر 2025، تلقت 15 سيدة تدريبات عملية مكثفة في فنون الخياطة اليدوية وصيانة الملابس بواقع عشر جلسات، جرى خلالها تزويدهن بـحقائب مهنية متكاملة تحتوي على جميع المستلزمات الضرورية لبدء مشاريعهن المنزلية، بما يضمن لهن استمرارية العمل وتحقيق دخل ثابت على المدى القريب.

ولم تقتصر المبادرة على الجانب المهني، بل تخللتها ورش توعوية وحقوقية تناولت موضوعات حول: الفرق بين مصطلحي ذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة، وأنواع الإعاقات، وطرق التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى جانب مناقشة مفاهيم الدمج المجتمعي والصحة النفسية، واستعراض قصص نجاح ملهمة.

دعم نفسي وترفيهي

كما شملت المبادرة أنشطة دعم نفسي وترفيهي يومية لتعزيز الراحة النفسية للمشاركات، إضافة إلى حملة توزيع 400 بروشور توعوي على سكان المخيم، بهدف نشر المفاهيم الصحيحة حول التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز ثقافة الدمج داخل المجتمع المحلي.

بهذه الجهود، جسّدت “حبكة محبة” نموذجًا متكاملًا لمبادرات شبكة “الوصول للجميع”، إذ جمعت بين التدريب العملي والتمكين الاقتصادي والتوعية الحقوقية، لتغزل بخيوطها الأمل في حياة أكثر استقرارًا وعدلاً للنساء في قطاع غزة.

باب جديد للحياة

وقالت روان السراج، إحدى القائمات على المبادرة من فريق “الوصول للجميع”، إن “مبادرة حبكة محبة كانت خيط الأمل الذي جمع بين التمكين الاقتصادي والدعم النفسي. من خلالها استطعنا الوصول إلى نساء فقدن الأمان ومصدر الدخل، فأعدنا زرع الثقة في نفوسهن وفتحنا أمامهن بابًا جديدًا للحياة”.

بدورها، قالت نهى السوسي، من فريق المبادرة إنّ “حبكة محبة كانت تجربة رائعة للتمكين الاقتصادي للسيدات من ذوي الإعاقة ومن دونها، عبر التدريب على فنون الخياطة اليدوية التي تمنحهن دخلًا خاصًا. المبادرة كانت مهنية وعملية، أفادت السيدات وحققت أثرًا مستدامًا في حياتهن”.

تجربة مختلفة وبداية أخرى

تحدثنا مع السيدات المشاركات في المبادرات، حيث قالت نيفين الطيف، إنّ المبادرة مكّنتها من تعلم الكثير من الأمور الجديدة في الخياطة، وأضافت: “تعلمت “الغرزة السحرية” و”غرزة رجل الغراب” وتركيب السحابات، ومكنتني من خياطة مشروع كامل من البداية حيث قمت بخياطة “حقيبة التسوق”، استمتعت بهذا المشروع وأرغب في تجربة العديد من مشاريع الخياطة الأخرى، ممتنة للتجربة، وأتمنى أن يكون هناك تجارب أخرى تعلمنا المزيد من المهارات الحياتية التي قد تفتح لنا بابًا جديدًا من الرزق”.

وقالت أماني ثابت، وهي مشاركة أُخرى “لطالما تمنيت أن أتعلم الخياطة، وعندما تعلمتها في مبادرة حبكة محبة أحببتها كثيرًا، كنت في السابق لا أعرف شيئًا عنها حتى استخدام الإبرة، والآن أستطيع تنفيذ “غرزة التسريجة” و”غرزة الماكنة” والعديد من التقنيات الأخرى في الخياطة”.

تعلمت الكثير وأصبحت قادرة على خياطة وإصلاح ملابس أولادي في البيت، وأصبحوا يحضرون لي ملابسهم الممزقة لإصلاحها، أحد أولادي من ذوي الإعاقة السمعية ولا يتحدث، ولكنه يحضر لي عدة الخياطة لأصلح له ملابسه، سعيدةٌ جدًا أنني تمكنت من تعلم الخياطة.

أماني ثابت، إحدى المشاركات في المبادرة

مُبادرات الوصول للجميع

يُذكر أن شبكة “الوصول للجميع” أطلقت سلسلة من المُبادرات التي يجري تنفيذها على مدار عدّة أشهر، في جميع محافظات قطاع غزّة، تتركّز في العمل على مراكز الإيواء ومخيمات النزوح، وتستهدف فئاتٍ متنوعة، منها بشكلٍ أساسي فئة الأشخاص ذوي الإعاقة.

وتأتي المبادرات في عدّة جوانب، منها ثقافية، اجتماعية، توعوية، نفسية، وتحاول تعزيز الوعي المجتمعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتأكيد التضامن المُجتمعي، بالإضافة إلى تعزيز مشاركة الشباب الفعّالة، حيث تلقوا تدريباتٍ مكثفة مسبقًا، وقدّموا عرضًا للمبادرات، قبل اختيارها من قبل لجنة تحكيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *