حنين النواجي.. من المايك إلى التغيير

في مدينة غزة، حين تتقاطع الأحلام مع التحديات، تسير “حنين النواجي” بخطى ثابتة في طريقٍ تصنعه بنفسها. الشابة الصغيرة، خريجة الإعلام والعلاقات العامة من جامعة فلسطين، اختارت أن يكون لصوتها معنى يتجاوز الكلمات، فأطلقت برنامج البودكاست الخاص بها “أثير” ، حيث تعتبره مساحة صغيرة لكنها عميقة، تساعد الشباب على “البدء من جديد” والتعامل مع مشاعرهم وضغوطهم في أوقات الحرب والضياع.

يلا تشينج.. الفرصة تُنادي

كانت حنين دائمًا تبحث عن ما هو أبعد من المألوف، وحين صادفت إعلان برنامج “يلا تشينج” على صفحات البرنامج والمنتدى الاجتماعي التنموي على “إنستغرام“، شعرت أن الفرصة تناديها. لم تعرف الكثير عن البرنامج، لكنها شعرت في داخلها بحاجة للتجديد والتعلّم، لشيء يخرجها من منطقة الراحة التي صنعتها حول نفسها.

“كنت متوترة جدًا قبل المقابلة” تقول وهي تبتسم، وتُضيف: “لكن أجواء الفريق كانت مريحة ومليئة بالطاقة الإيجابية، وكأنهم يعرفوننا منذ مدة طويلة”.. منذ تلك اللحظة، بدأت رحلة حنين مع برنامج “يلا تشينج”، الذي نفّذه المنتدى الاجتماعي التنموي في موسمه السادس، بالشراكة مع جمعية المساعدات النرويجية NPA.

وقد شاركت حنين في البرنامج التدريبي، الذي انعقد على مدار أكثر من أسبوع في قطاع غزّة والضفة الغربية، خلال شهر سبتمبر 2025، وبمشاركة 60 شابًا وشابّة، سيتأهلون لاحقًا لتنفيذ المبادرات المجتمعية وحملات المناصرة.

تصف حنين تجربتها بأنها تحولية بكل معنى الكلمة.. فقد تعلمت أن التغيير لا يبدأ من الخارج، بل من الداخل، حيث اكتشفت قدرات جديدة في شخصيتها، وصارت أكثر جرأة في التعبير عن أفكارها. وعن ذلك تقول: “تعلمت أن أستمع أكثر، خصوصًا للشباب الأصغر مني، لأنهم يمتلكون أفكارًا خلاقة ورؤى مختلفة عن العالم”.

التحول لم يكن فقط على المستوى الشخصي؛ بل المهني أيضًا، إذ وجّهها البرنامج إلى مجالات أُخرى ومواضيع متنوعة، مثل المناصرة والمبادرات المجتمعية، فأدركت الشابة أن التغيير الحقيقي يبدأ من فكرة صغيرة، ومن مبادرة تصنع الأمل في قلوب الناس.

فريق متعاون ومميز 

“يلا تشينج فتح أمامي نوافذ جديدة للحياة.. جعلني أرى أن بناء المجتمع لا يكون فقط عبر المشاريع، بل عبر بناء الفرح في الناس وتغيير الفرد من داخله”. تتحدث حنين بحماسٍ عن البرنامج.

تعرب حنين عن امتنانها العميق لدور المُنتدى وفريقه، الذي كان لافتًا ومميزًا، ومتعاونًا مع المتدربين، كفرصة لمساعدتهم إلى الأفضل، وتُشير إلى أن التجربة كانت بمثابة مدرسة حياتية في التواصل، الإلهام، والإيمان بالشباب.

الجميل في يلا تشينج أنه لا يعطيك فقط تدريبًا، بل يعطيك دفعة لتبدأ من جديد. يشعرك أنك قادر على أن تصنع الفرق مهما كانت الظروف.

حنين النواجي، مشاركة في برنامج يلا تشينج 6

خلال البرنامج، كانت جلسات التدريب بمثابة رافعة تعليميّة ومعرفية جديدة، فقد لفت انتباهها التدريب على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الذي قدّمه المدرب سلطان ناصر، حيث تعلمت كيف تكتب محتوى مؤثرًا يتفاعل مع الناس بصدق، وهو ما انعكس بشكل مباشر على بودكاست “أثير”.

رسالة للشباب 

اليوم، تنظر حنين إلى الأمام بعينٍ متفائلة، تترقب ما تبقى من شهور البرنامج بحماسة وشغف. تؤمن أن القادم يحمل فرصًا أكبر، وأن ما بدأته هنا لن ينتهي بانتهاء التدريب، بل سيتحول إلى أسلوب حياة.

وفي رسالتها إلى الشباب تقول: “لا تنتظروا الظروف المثالية لتبدأوا. ابدأوا بما تملكون، وابحثوا عن الأشخاص والأماكن التي تدعمكم. أحيانًا التغيير يبدأ بخطوة بسيطة، لكنها تصنع الفرق.”

هكذا تواصل حنين النواجي رحلتها، بين المايكروفون والناس، بين الصوت والتغيير، لتثبت أن الإرادة قادرة على أن تصنع من الألم بداية جديدة.. تمامًا كما يفعل “يلا تشينج”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *