“بيئة آمنة” تنجح في حلّ مشكلة الصرف الصحي التي تؤرق النازحين في “رودلف فالتر”

أنجزت مجموعة من المُبادرين الشباب، مُبادرة “بيئة آمنة”، في قلب مدرسة “رودلف فالتر” وفي مُحيطها، بمدينة دير البلح وسط قطاع غزّة، حيث ساهمت بشكلٍ فعال في إنجاز وحل مشكلة الصرف الصحي التي كانت تؤثّر على النازحين.
وكانت المُبادرة تسعى إلى معالجة مشكلة تجمع مياه الصرف الصحي في مدرسة رودلف فالتر ومحيطها في دير البلح، التي كانت تُعاني من أزمة كبيرة، تؤثر على الآلاف من النازحين فيها وفي مُحيطها، إضافةً للسُكّان في المنطقة، والمنتقلين، خصوصًا أنّ الشارع الذي تتواجد فيه المدرسة يمرّ إلى مستشفى شهداء الأقصى، المشفى الرئيسي في وسط قطاع غزّة، وهو ما يُعيق الحركة إليه.
أخذت المُبادرة الشبابية دعمها من “بنك المُبادرات“، وذلك في سياق التعاون مع مؤسسة إنقاذ المستقبل الشبابي SYF، بتمويل من صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA ومؤسسة “التعليم فوق الجميع” EAA.
ترقب كبير لحل الأزمة
جرت المُبادرة في أجواء مختلفة، وسط ترقّب النازحين داخل المدرسة، الذين باتوا يُعانون من أزمةٍ كبيرة طوال الأشهر الماضية، جراء الرائحة الكريهة والسيئة، وتجمّع مياه الصرف الصحي والمكاره الصحيّة وبقايا القُمامة وغيرها، التي تزيد من الأوبئة والأمراض وتكدّر صفو الحياة اليوميّة، زيادةً على مُعاناة النزوح والحرب.

وقال إبراهيم قشطة، أحد النازحين في المدرسة من بيت لاهيا، إنّ “مشكلة الصرف الصحي كانت تؤرّق كلّ من في مركز الإيواء من ناحية رائحة وتلوث صحي والقدرة على تصريف المياه. كانت تؤثر على الأطفال وتتُعب نشاطنا اليومي ونومنا بسبب شدة الرائحة”.
بينما قالت نهاد الكيلاني، إن “”لوضع في المدرسة كان صعب، برك المياه العادمة كانت تُرهقنا في الشارع وفي المكان.. أطفالي كانوا يعانوا بشكل كبير منها”.
وكانت الأزمة تشكّل عبئًا على النازحين في المكان، عدا الناس في الشارع وفي المنطقة، ما يجعل الشارع مليئًا بالقمامة ويمنع حركة الناس، ويُعيق حركة سيارات الإسعاف نحو المستشفى، ويُعطّل الحياة اليومية للعديد من أصحاب البسطات والعاملين في الشارع.

قام فريق المُبادرة بالتنسيق مع شركة متخصصة في تصليح مجارير الصرف الصحي، بعد أن خرج الشباب للشارع لتنظيف المكان وإزالة القمامة، بهدف تهيئة المنطقة لتكون أنظف وأفضل، وتسهّل العمل على الشركة المختصة.
آراء إيجابية وفرح في المكان
اختُتمت المبادرة بعد إنجاز المشكلة وحلها، بيومٍ ترفيهي مميّز قام فريق المُبادرة وفريق شبكة شباب “المنتدى الاجتماعي التنموي“، بتنفيذه للأطفال النازحين في المكان، تضمّن أغانٍ وألعابًا ترفيهية، وألعاب الدمى والمُهرجين، كبادرة لافتتاح المكان بشكله الجديد.
لاقت المبادرة آراءً إيجابية من النازحين في المكان، حيث حضر النازحين اليوم الترفيهي ومساحة اللعب للأطفال، للتعبير عن أملهم بأنّ ظروف النزوح قد تُصبح أفضل، بفضل جهود الشباب المتطوعين، آملين أن تنتهي الحرب ومأساة النزوح.

وقال النازح قشطة عن الدور الذي قدمته المبادرة: “بعد المُبادرة شعرنا بتحسنٍ كبير، أصبحت الأمور أفضل، تخلصنا من الرائحة، وصار لدينا قدرة على التخلص من المياه العادمة”. بينما قالت الكيلاني “اليوم قدرنا نتجاوز الأزمة بفضل المُبادرة الشبابيّة المُميّزة. حلّولنا مشكلة كبيرة، وساعدت في تحسين حياتنا في النزوح”.
سألنا الشابة تالا زيد 19 عامًا، عن أثر المبادرة، فقالت إنّ “الأزمة كانت تؤثّر علينا بالرائحة والأوبئة المنتشرة بين الأطفال، والبعوض اللي أهلكنا. المبادرة ساعدتنا في التخفيف من عبء المعاناة، الحمدلله، قلّت الروائح والأوبئة صارت أخف”.
أمّا أنوار أبو النصر، النازحة من جباليا، فتحدّثت قائلةً: “بنتي كانت متأزمة من الريحة بشكل كبير، هي من ذوي الإعاقة، مجرّد المشي والتوجه للمستشفى كان صعب. المبادرة خففت من الأزمة، سهّلت حركتنا وحياتنا في المكان، وساعدتنا أكتر نعيش بدون رائحة سيئة، ونتابع حياتنا”.
ووجّه مسؤولي مركز الإيواء الشكر للقائمين على المُبادرة، حيث قال رائد الكيلاني: “نشكر الشباب القائمين على المُبادرة، والمساهمة من المنتدى الاجتماعي التنموي، لتبني هذه المشكلة وحلّها، كونها مشكلة أساسية كان يُعاني منها النازحين في المكان”.

وأشاد بالجهود الكبيرة التي قدّمتها المُبادرة، حيث أضاف: “هي كانت مبادرة في مكانها، تستحق أن نشكرهم وأن يتم التسهيل في عملها، فالكل في مركز الإيواء التف حولها وساهم في نجاحها. المبادرة كان لها أثر فعال على حياة النازحين في المدرسة”.
وتحدّث أحمد مسلم، منسق المبادرى، قائلًا إن المبادرة “مبادرة وطنية مجتمعية فلسطينية”، مؤكدًا أن أهميتها تأتي من كون الشارع هو المؤدي للمستشفى الوحيد القائم في المحافظة الوسطى، وما تُعيقه من حركة النازحين في المكان.
وأضاف مسلم أن أنشطة المبادرة بدأت بتنفيذ عملية ترميم للشارع والمنطقة المحيطة بالمدرسة، قبل أن يتم تهيئة شبكات الصرف الصحي بشكلٍ لازم لحركة الناس، مؤكدًا التعاون المميّز من النازحين وإدارة مركز الإيواء، بما يُسهّل العمل في المبادرة وإنجاحها.
بنك المُبادرت يدعم الشباب
كان المنتدى الاجتماعي التنموي قد أعلن عن مساحة لدعم العديد من المُبادرات للشباب، حيث جرى تمويل ودعم نحو 14 مُبادرة، في شمال وجنوب قطاع غزّة، من خلال “بنك المُبادرات“.
وبدأ تنفيذ المُبادرات الشبابيّة والمُجتمعية، مطلع شهر ديسمبر 2024، وحتى نهايته، بدعم من “بنك المُبادرات” الذي أطلقه المنتدى، وتحمل هدفًا أساسيًا، هو تحسين الواقع المجتمعي وتعزيز رفاهية الشباب والناس، في ظل معاناة النزوح والمعاناة التي خلقتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة منذ 7 أكتوبر 2023.