المشاريعالمنتدىجولات كيف شايفهاحملاتحملة الجامعة جامعةدعم جهود الأشخاص ذوي الإعاقةكيف شايفهامدونات
أخر الأخبار

في جولة كيف شايفها وَجدُّت ضالَّتِي!

منار الكيلاني – تدون تجربتها في جولة كيف شايفها - حملة الجامعة جامعة

منذ أن كنت طفلة أثارني الفضول حول كيفية تعامل ابنة عمي مع الجميع! تُحرك أصابع يديها بطريقة غريبة عندما تطلب شيئاً أو تسأل عنه. أحاول ترجمة تلك الإشارات التي تحمل دلالات معينة. مع الأيام كبرنا وأصبح وعيي يزداد شيئا فشيئا لتلك الإشارات إلى أن فهمت أنها قد وُلدت وهي تعاني من مشاكل في السمع والنطق سببت لها إعاقة سمعية فتعلمت لغة الإشارة لتتواصل مع الجميع.

مع الوقت أصبحت أنا الأقرب لها من بين أفراد العائلة، وكنت أرى التحديات التي كانت تواجهها، في حياتها على شتى الأصعدة.  وكان لحياتها العلمية خصوصية في ذلك، فكثيراً ما كانت تطلب مني أن أشرح لها بعض الدروس التعليمية في مرحلتها الإعدادية والثانوية لأن المواد التعليمية لم تكن مواءمة.

عدا عن أنَّ طريقة التدريس لم تكن تتناسب مع قدرات الأشخاص السمعية، ولكن ابنة عمي كانت طموحة ولديها إرادة لم ترغب بأن تكتفي بالدراسة في المرحلة الأساسية، وكان من حسنِ حظها  آن ذاك أنه صدر قرار من الجامعة الإسلامية بفتح باب التسجيل للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية. أذكر جيداً كيف كانت فرحتها تُضاهي حجم هذا الكوكب!

رغم أن التخصصات كانت محدودة ولا خيارات أمامها كما كانت تحلم إلا أنها كانت سعيدة جداً بأنها ستنتقل إلى مرحلة التعليم العالي. أعلم أنَّ “من حسنِ حظها” مجحفة بحقها وحقنا وأنا أتحدث عن حق أساسي من حقوق الإنسان وهو الحق في التعليم. لكن أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي وهكذا كان القرار، قد وقع وهو بحد ذاته خطوة للأمام لتحسين واقع حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

من هنا أصبحت تدور في رأسي الكثير من التساؤلات! لماذا جاء هذا القرار متأخراً، ولماذا اقتصر التسجيل على الجامعة الإسلامية؟ كيف سيتعامل الأساتذة والموظفون والطلاب بإعاقة وبدون إعاقة! هل سيكون التعليم جامعاً وشاملاً لكل الطلاب أم ماذا؟ والكثير من التساؤلات!

بالطبع لن أعلق أسباب هذا التأخير على الاحتلال كما تجري العادة في كل القضايا الفلسطينية. كما لن أقول إن مدينة غزة تتمتع بخصوصية معينة بالإمكانات رغم صحتهم جميعهم. ولكن كُنت قرأت اقتباساً مفاده أنه لا نكسب حقوقنا بالهدوء في خزائننا.

ومع الأسف لم تسعى أنظمتنا إلى مواءمة التعليم في البداية ولم تجد من يُطالب بذلك الحق، إلى أن وجدنا أنفسنا أمام تزايد مهول من الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية والكثير من المشاكل في حقوقهم وعلى رأسهم حق التعليم. وأصبحت
ألاحظ أن العديد من المؤسسات الحقوقية والمهتمة بمجال الإعاقة تطلق حملات لمناصرة قضايا وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

وكانت من تلك المؤسسات المنتدى الاجتماعي التنموي التي تركز بشكل كبير على هذا المجال، فتقاطعت تساؤلاتي بشكل مباشر مع واحدة من الحملات الرقمية التي أطلقتها وهي الجامعة جامعة التي تهدف إلى  مناصرة حق الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية في التعليم العالي بالوصول إلى مختلف التخصصات و الخدمات الجامعية بشكل فعّال و متساوي مع ذويهم بدون إعاقة.

وكانت المُصادفة أن واحدة من أنشطتها هو جلسة استماع ومسائلة مع الجامعة الإسلامية كإحدى الجهات المستهدفة ضمن جولة كيف شايفها التي كانت تتمحور تحسين استجابة مؤسسات التعليم العالي لشمولية الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية في البرامج التعليمية.

في هذه الجولة وَجدت ضالتي! فبالنسبة لي كان الأقرب لي على المستوى الشخصي؛ لأن التساؤلات التي انتفضت في عقلي منذ قرار الجامعة الإسلامية حصلت على إجاباتها خلال محطات الجولة الثلاثة: كلية تنمية القدرات الجامعية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني في خانيونس، وكلية فلسطين التقنية في دير البلح وختاماً مع الجامعة الإسلامية.

تخللت الجولة الكثير من المحاور التي كنت بحاجة إلى أفهمها فيما يتعلق بأسباب تأخر التعليم الدامج والشامل للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية وسبب محدودية التخصصات. فوجدت أن هناك خللاً كبيراً في المرحلة التأسيسية سببه وزارة التعليم وإهمالها له، ولكن هناك جهود حثيثة للتخلص من ذلك الإهمال.

استعرضت الجهات التي زرناها تجاربها ومشاريعها المستقبلية، واكتشفت أن هناك بعض المؤسسات كانت قد أصدرت القرار وعملت عليه لكنها لا تتقبل فكرة تشغيل الأشخاص بعد تعليمهم. ذلك لأن تشغيلهم له خصوصية معينة في القدرات والوظائف والموارد المتاحة، وهم غير مؤهلين إلى سوق العمل بالأساس.

واستمعت لآراء بعض الخريجين من ذوي الإعاقة السمعية الذي كانوا قصص نجاح في تخصصات جديدة في كلية التنمية. وعلى الرغم من التحديات التي واجهت الكلية إلا أنها تسعى لتعميم التجربة قدر المستطاع في تخصصات أخرى.

سَعِدْت جدا بأن هناك جهات مثل كلية فلسطين التقنية رحبت وبشدة بقرار طرح تخصصات متنوعة تتناسب مع الأشخاص ذوي الإعاقة ومتقلبة لفكرة توفير فرص عمل لهم مع مراعاة كافة الإمكانات المطلوبة والبيئة المواءمة اللازمة.

زادت الجولة فيّ شغفاً للاهتمام أكثر في الاهتمام بقضايا حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. لاسيما السمعية منهم خصوصا بعد أن كان لي تجربة سابقة مع ابنة عمي التي عانت كثيرا في حياتها العلمية. سأسعى دوماً إلى المشاركة في وضع بصمة لتحسين واقع حقوق الأشخاص الإعاقة السمعية لنصل إلى مجتمع شامل يتسع للجميع.

في الختام، أود أن أُثمّن جهود المنتدى الاجتماعي التنموي والمؤسسات الشريكة فالشكر لهم موصول على اختيارهم الصائب لمناصرة القضايا المهمة التي تتعلق بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بكافة أنواعها، وأتمنى لهم استمرارية جهودهم.

المنتدى الاجتماعي التنموي

مؤسسةٌ أهليةٌ تعملُ في فلسطين، أُسِّسَت عام 2006م، بمبادرة من مجموعة من النشطاء الشباب؛ من أجل بناء نموذجٍ أهلي مهني ،قادر على تقديم الخدمات المجتمعية باستثمارٍ أفضل للموارد والإمكانيات المتاحة، وتحقيق رؤية تنموية، وفق منهجٍ شمولي قائم على احترام حقوق الإنسان، والقانون، والقيم المدنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى