قصصمشروع نحن نعمل

“هنادي” تحقق جزء من حلمها في “نحن نعمل”

“هنادي” تحقق جزء من حلمها في “نحن نعمل”

غزة- سالم الريس

قبل قرابة العامين، ذهبت الشابة “هنادي رضوان” 24 عاماً من سكان مدينة غزة، للنوم وهي بكامل صحتها. بعد مرور ساعات، وفور استيقاظها تفاجأت بأنها لا ترى شيئاً من حولها، شعرت بالخوف والصدمة، لتصرخ طالبة النجدة من والدتها بأعلى صوتها.

“يما مش شايفة اشي أنا”، هكذا قالت لوالدتها أول ما سمعت صوتها بجوارها، حاولت والدتها أن تطمئنها واصطحبتها لطبيب أخصائي عيون. في ذلك الوقت كانت “هنادي” تدرس تخصص خدمة اجتماعية سنة ثالثة في الجامعة الإسلامية.

بعد اجراء العديد من الفحوصات، تبين أنها فقدت بصرها، لا يوجد هناك سبب محدد بحسب ما أخبرها الطبيب. في ذلك الوقت شعرت “هنادي” ببعض خيبة الأمل، الأمر الذي أثر على نفسيتها كثيراً، انعزلت لفترة قصيرة لتعيد حساباتها وأفكارها، وفي النهاية وبدعم من والدتها، توصلت إلى قرار عودتها للجامعة واستكمال دراستها في تخصصها.

الأمر لم يكن سهلاً عليها، ولكن اصرارها وإصرار والدتها على قراءة كتبها الدراسية لها، ساعدها في تحقيق علامات مرتفعة، حتى تخرجت من الجامعة العام الماضي 2017، ولتنطلق بعدها في رحلة البحث عن الخبرات والعملية وعمل تستكمل به مشوارها الذي قررت المضي فيه.

سمعت “هنادي” في مشروع “نحن نعمل” وقامت بالتسجيل لأحد الدورات التدريبية الخاصة بمهارات العمل في المؤسسات الغير حكومية في غزة، ليتم اختيار اسمها من ضمن الفتيات اللواتي انطبقت عليهم المعايير المحددة في البرنامج التدريبي ضمن المشروع. حيث حصلت 12 فتاة من ذوات الإعاقة على فرص تدريب مدفوع الأجر لمدة ثلاثة شهور للعمل في مؤسسات المجتمع المدني بعد إكسابهن مهارات العمل الأساسية والمهارات الإدارية ومهارات الاتصال والتواصل.

وتقول هنادي “بعد ما تم قبولي في المشروع، حصلت على مجموعة من التدريبات والتي شعرت بأنها منحتني الكثير من المعلومات وكانت سبب مهم في تطوير قدراتي العلمية والمعرفية في بيئة العمل ومتطلباتها، من ثم تم اختياري للعمل في جمعية الحياة والأمل كأخصائية اجتماعية ضمن مشروع، وكنت أعمل أيضاً منسقة أنشطة للأطفال وطلاب المدارس”.

وترفض هنادي الأفكار السلبية التي يمتلكها أفراد المجتمع عن ذوي الإعاقة بشكل عام والفتيات منهنّ بشكل خاص، حول قدرتهنّ على العمل وحاجتهنّ له، وتقول “هناك الكثير من الناس يتحدثوا على أنّ ذوي الإعاقة، وخاصة السيدات، لا يستطعنّ العمل بسبب ضُعف قدراتهنّ، ولكن أقول لهُم، أنّ العمل هو حق من حقوقنا كأشخاص ذوي إعاقة، وخاصة السيدات منا، لأنه يمكننا من إثبات أنفسنا ووجودنا، فنحن لسنا عالة على المجتمع”.

“العمل أضاف لي الكثير من الأمور الجديدة في حياتي، فمثلاً خلاني أكون شخص قادر على تحمل المسؤولية بشكل أكبر، وشخص قادر على إني أثبت وجودي بين الناس”، هكذا وصفت هنادي استفادتها من العمل ضمن المشروع.

“نحن نعمل” لم يكن مشروعاً عادياً بالنسبة لـ “هنادي” والمستفيدات الأخريات من ذوات الإعاقة، بل منحهنّ الأمل في الإيمان بقدراتهنّ والعمل على تطويرها، من خلال تطويره لقدراتهنّ العملية والعلمية، إضافة إلى تمكينهنّ من بناء علاقات جديدة، والمساهمة في تغيير الوصمة المجتمعية تجاه قدراتهن كفتيات ذوات إعاقة في العمل والإنتاج، وكذلك تنمية مهاراتهن الشخصية وتقوية ثقتهنّ بأنفسهنّ، إلى جانب توفير مصدر دخل يساهم في تلبية احتياجاتهنّ اليومية الأساسية.

“نحن نعمل” هو أحد المشاريع التي ينفذها المنتدى الاجتماعي التنموي، ضمن برنامج التمكين الاجتماعي الاقتصادي للأشخاص ذوي الإعاقة، والذي يأتي بالشراكة والتمويل مع مؤسسة الاديوكيد الإيطالية ومجموعة من المؤسسات المحلية، يهدف المشروع إلى تمكين النساء ذوات الإعاقة اجتماعياً واقتصادياً من خلال رفع الوعي بحقوقهم وبناء مهاراتهم المهنية وتحسين فرص العمل والتدريب أمامهم من خلال انخراطهم في سوق العمل.

المنتدى الاجتماعي التنموي

مؤسسةٌ أهليةٌ تعملُ في فلسطين، أُسِّسَت عام 2006م، بمبادرة من مجموعة من النشطاء الشباب؛ من أجل بناء نموذجٍ أهلي مهني ،قادر على تقديم الخدمات المجتمعية باستثمارٍ أفضل للموارد والإمكانيات المتاحة، وتحقيق رؤية تنموية، وفق منهجٍ شمولي قائم على احترام حقوق الإنسان، والقانون، والقيم المدنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى